عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 01-31-2011, 02:48 PM
المتفائل2012 المتفائل2012 غير متواجد حالياً

عضو مشارك

 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
المشاركات: 49
افتراضي

نحن السعداء.....

الطالب: محمود جرادات
كلية الاقتصاد
السعادة والشقاء كلمات شفافة ورنانة... فأين مكمن كل منهما؟ وأية علاقة بينهما؟... أحب هي أم إخفاء؟... لا احد
يدري بل الكل يدري ويعلم، لكنه لا يقدر على التفوه خشية من أن يسخر منه البعض أو يطعن به الآخرون.
... ومن الذي يتجرأ فيقول: إن السعادة والشقاء عنصران متكاملان، ولا صراع بينهما... مناقضًا لما قاله كارل
وانجلز وأتباعهما. إنهم يؤمنون بصرا ع الأضداد... وأي صراع هذا بين هذين اللونين من الحياة؟!.
يقول البعض بان السعادة توجد حيث يوجد الشقاء!!
يا له من كلام جميل له الأثر العميق في النفوس.
لم أسمع هذا الكلام من قبل... كنت أفكر بأن الشقي قد كتب عليه بأن يبقى شقيًا والسعيد يولد ويموت سعيدًا فيرثه
أبناؤه في سعادته... لكنني وجدت تفكري قد أهملته الحقيقة فانقلب رأسًا على عقب.
بنايات شاهقة... أموال طائلة وعربات كأسراب النمل تزدحم بها الشوارع... ولباس عصري.. وشعور تلاعبها
النسمات... وجيوب نزخر بالأوراق النقدية ودفاتر الشيكات تفتخر بها خزائنهم..
طائرات وصواريخ ودبابات مجنزرة وعجلات... مشاة وألوية مدرعة... قنابل عنقودية وأخرى فراغية وفسفورية
انشطارية... قمة الحضارة والإبداع بل قمة التخريب والدمار... إمبراطورية حقًا بدون منازع..
الدولة التي لا تقهر-هكذا يظن البعض- ولو كان كبيرها يمشي على عكازتين من الخيزران... تنظر من بعيد
صوب هذه الإمبراطورية وكأنها رعمسيس أو تمثال "أبو الهول"... لا تجرؤ أن تنظر إليها من الداخل خوفًا من أن
يزيغ بصرك وترى الشيء شيئين أو ثلاثة...
ترى... هل تعلم بأننا أسعد من هؤلاء؟؟!
رسالة النجاح، العدد ٤٧ ، حزيران ١٩٨٦
٣٥
هل فكرت بنومهم كيف ينامون وكيف يجلسون؟ أيديهم على قلوبهم... ما يدق جرس باب أحدهم حتى وظن أن
مجنونًا يتسلل إليه ليقتله... ما ينقطع تيار الكهرباء عند احدهم ساعة غلا وظن أن هناك "مخربًا" –كما يصفوه- قد
فعل ذلك انتقامًا لحقه!!
فهو وراء حادث سيارة إذا اصطدمت بجسر على الشارع.. وهو وراء الحريق إذا يشب في أحد المصانع أو إحدى
الناقلات فلا يكون وراءه إلا "مخرب".
حتى لو انتحر أحدهم بسقوطه من على بناية شاهقة قالوا: بأنه قد تخيل أمامه "مخربًا" أو رآه في الحلم ... فالأم
تصحو على صراخ طفلها وهو يقول " مخبليم... مخبليم" هل يشعر مثل هؤلاء بالراحة أو بالسكينة وهو يعلمون حق
العلم بان صاحب الحق أقوى.
ما أن يسير احدهم في الشارع ويسمع قعقعة أو طلقات نارية ولو من مسدس أطفال إلا وظن أن مسلحًا يعدو وراءه
ليقتله فيلقي بنسفه على الأرض ويطلق النار كما علمه قائده... وحتى صوت الرعد لم يعودوا يفرقوا بينه وبين
أصوات قذائف البازوكا والآر.بي.جي...
ما زال سكان الشمال ومستوطنوه يقفون على رؤوس أصابعهم بانتظار صفارة الإنذار ليهرعوا إلى الملاجئ
وليعيشوا فيها أشهرًا... وان بعد الحوت عن الشاطئ فما زال الرعب يخيم على تلك المناطق..
نحن سعداء لأننا يجب أن نعيش ونعرف كيف يكون ذلك...
نحن سعداء لأن بندقيتنا تستطيع أن تقف أمام الآلية الجبارة فيتخيلها القبطان ماردًا يخيفهم فيفرون إلى الوراء...
نحن في كل أرجاء العالم يجب أن تصل رؤوسنا إلى ما فوق ناطحات السحاب.
وان فقدنا الكثير والكثير فكما قال الشاعر محمود البارودي:
ولا تخافوا نكا ً لا فيه منشأكم فالحوت في اليم لا يخشى البلل
أجل فسارية العلم المستقل بغير يد الموت لم ترفع.
وان ما أقدم عليه الغزاة مؤخرًا من اجتياحهم للبنان يصدق عليه القول القائل: "كالذي يلقي نفسه في البحر خشية ماء
المطر".


رد مع اقتباس