عرض مشاركة واحدة
  #18  
قديم 03-30-2010, 08:54 PM
الصورة الرمزية المشتاقة للجنة
المشتاقة للجنة المشتاقة للجنة غير متواجد حالياً

مراقبة عامة

 
تاريخ التسجيل: Nov 2009
المشاركات: 4,422
افتراضي





أول لقاء بالحوراء


فأنت -يا ولي الله- عندما تخرج من قبرك، تتلقاك النجائب، فتركب وتأكل وتشرب وتتنخم، حتى تصل إلى باب الجنة، فترى عينين من عيون الجنة، فتشرب من أحدهما، وتتوضأ من الأخرى، فإذا أنت على طول آدم؛ ستون ذراعاً في السماء، وعلى صبر أيوب، وعلى جمال يوسف، وعلى سن عيسى، ثلاثة وثلاثون عاماً، وعلى أخلاق محمد، عليهم جميعا الصلاة والسلام. فإذا جئتَ لتدخل من باب الجنة، جاءتْ أزواجك من الحور العين يتلقونك بالغناء والمعانقة والتقبيل.

وإذا خرجتَ من قبرك استُقبلْتَ بنوق بيض لها أجنحة، عليها رحال الذهب، شرك نعلك نور يتلألأ، كل خطوة منها مثل مد البصر، فتنتهي إلى باب الجنة، فإذا حلقة من ياقوتة حمراء على صفائح الذهب ، وإذا شجرة على باب الجنة ينبع من أصلها عينان، فإذا شربتَ من أحدهما جرت في وجهك بنضرة النعيم، وإذا توضأت من الأخرى لم يشعث شعرك أبداً، فتضرب الحلقة بالصفيحة، فيبلغ كل حوراء أن زوجها قد أقبل، فتستخفها العجلة، فتبعث قَيِّمها فيفتح لك الباب، فلولا أن الله عز وجل عرّفك نفسك لخررتَ له ساجداً، مما ترى من النور والبهاء، فيقول القَيِّم: أنا قَيِّمك الذي وُكِّلْتُ بأمرك، فتتبعه، وتقفو أثره، فتأتي زوجتك، فتستخفها العجلة، فتخرج من الخيمة، فتعانقك، وتقول لك: أنت حبي وأنا حبك، وأنا الراضية فلا أسخط أبداً، وأنا الناعمة فلا أبأس أبداً، وأنا الخالدة فلا أظعن أبداً، فتدخل بيتاً من أساسه، وطرائق صفر ما منها طريقة تشاكل صاحبتها، فتأتي الأريكة، فإذا عليها سرير، على السرير سبعون فراشاً، على كل فراش سبعون زوجة، على كل زوجة سبعون حلة، ترى مخ ساقها من باطن الحلل، تفضي جماعهن في مقدار ليلة.

تجري من تحتكم أنهار مطردة، وأنهار من ماء غير آسن، صاف ليس فيه كدر، وأنهار من عسل مصفى، لم يخرج من بطون النحل، وأنهار من خمر لذة للشاربين، لم تعصره الرجال بأقدامها، وأنهار من لبن لم يتغير طعمه، لم يخرج من بطون الماشية. فإذا اشتهيت الطعام جاءتك طير بيض، فترفع أجنحتها، فتأكل من جنوبها من أي الثمار شئت، إن شئت قائماً، وإن شئت متكئاً. وبين يديك خدم كاللؤلؤ، يطيعونك، ولا يعصون لك أمرا.

ويساق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمراً، حتى إذا انتهوا إلى باب من أبوابها، وجدوا عنده شجرة يخرج من تحت ساقها عينان تجريان، فعمدوا إلى إحداهما، كأنما أمروا بها، فشربوا منها، فأذهبت ما في بطونهم من أذى أو قذى أو بأس، ثم عمدوا إلى الأخرى، فتطهروا منها، فجرت عليهم بنضرة النعيم، فلن تتغير أبشارهم تغييراً بعدها أبداً، ولن تشعث أشعارهم، كأنما دهنوا بالدهان، ثم انتهوا إلى خزنة الجنة، فقالوا: (سلامُ عليكم طبتم فادخلوها خالدين)، ثم يلقاهم الوِلْدان، يطيفون بهم كما يطيف وِلْدان أهل الدنيا بالحميم، فيقولون: أبشر بما أعد الله لك من الكرامة، ثم ينطلق غلام من أولئك الوِلْدان إلى بعض أزواجك من الحور العين، فيقول: قد جاء فلان، باسمه الذي يُدعى به في الدنيا، فتقول: أنت رأيتَه، فيقول: أنا رأيتُه، وهو ذا بأثري، فيستخف إحداهن الفرح، حتى تقوم على أسكفة بابها، فإذا انتهيت إلى منزلك نظرتَ إلى أي شيء أساس بنيانه، فإذا جندل اللؤلؤ، فوقه صرح أخضر وأصفر وأحمر، ومن كل لون، ثم ترفع رأسك فتنظر إلى سقفه، فإذا مثل البرق، لولا أن الله قدر لك لذهب ببصرك، ثم تطأطئ رأسك، فتنظر إلى أزواجك، وإلى أكواب موضوعة، ونمارق مصفوفة، وزرابي مبثوثة، فتنظر إلى تلك النعمة، ثم تتكئ وتقول: (الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله)، ثم ينادي منادٍ: تحيون فلا تموتون أبداً، وتقيمون فلا تظعنون أبداً، وتصحّون فلا تمرضون أبدا.

وعندما تدخل يا ولي الله من باب الجنة، يتلقاك غلمانك، فيقولون: مرحباً بسيدنا، قد آن لك أن تزورنا، فتُمد لك الزرابي أربعين سنة، ثم تنظر عن يمينك وشمالك، فترى الجنان، فتقول: لمن ما ها هنا؟ فيُقال: لك، حتى إذا انتهيتَ رُفعتْ لك ياقوتة حمراء، أو زبرجدة خضراء، لها سبعون شِعباً، في كل شِعبٍ سبعون غرفة، في كل غرفة سبعون باباً، فيُقال لك: اقرأ وارق، فتقرأ وترقى، حتى إذا انتهيتَ إلى سرير ملكك اتكأتَ عليه، سعته ميلٌ في ميل، ولك فيه قصور، فيسعى إليك غلمانك بسبعين صحفةً من ذهب، ليس فيها صحفة فيها من لون أختها، تجد لذة آخرها كما تجد لذة أولها، ثم يسعون إليك بألوان الأشربة، فتشرب منها ما اشتهيت، ثم يقول الغلمان: اتركوه وأزواجه، فينطلق الغلمان، ثم تنظر، فإذا حوراء من الحور العين جالسة على سرير ملكها، عليها سبعون حلة، ليس منها حلة من لون صاحبتها، فترى مخ ساقها من وراء اللحم والدم والعظم، والكسوة فوق ذلك، فتنظر إليها وتقول: من أنتِ؟ فتقول لك: أنا من الحور العين اللاتي خُبئن لك، فتنظر إليها أربعين سنة، لا تصرف بصرك عنها، لشدة جمالها، ثم ترفع بصرك إلى الغرفة، فإذا أخرى أجمل منها، فتقول الحوراء: أما آن لك أن يكون لنا منك نصيب؟ فترقى إليها أربعين سنة، لا تصرف بصرك عنها.

ثم إذا بلغ النعيم منا كل مبلغ، وظننا أن لا نعيم أفضل منه، تجلى لنا الرب تبارك اسمه، فننظر إلى وجهه الكريم، فيقول جل في علاه: يا أهل الجنة، هللوني، فنتجاوب بتهليل الرحمن، ثم يقول: يا داود، قم فمجدني كما كنت تمجدني في الدنيا، فيمجد داود ربه عز وجل، بصوت لم تسمع الخلائق مثله.


توقيع : المشتاقة للجنة


اللهم اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الاحياء منهم والاموات

اللهم صل وسلم وبارك على حبيبنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين

رد مع اقتباس