عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 07-07-2012, 12:24 AM
الصورة الرمزية أم عبد المنعم
أم عبد المنعم أم عبد المنعم غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2011
المشاركات: 1,256
افتراضي


الحمد لله الذي كتب على عباده الموت والفناء، وتفرد سبحانه بالحياة والبقاء، والصلاة والسلام على من ختمت به الرسل والأنبياء وعلى آله وأتباعه إلى يوم اللقاء.

فإن الموت لا ريب فيه، ويقين لا شك فيه {وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ} [ق: 19]، فمن يجادل في الموت وسكرته؟!، ومن يخاصم في القبر وضمته؟! ومن يقدر على تأخير موته وتأجيل ساعته؟!... {فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ} [الأعراف: 34].

فلماذا تتكبر أيها الإنسان وسوف تأكلك الديدان؟!

ولماذا تطغى وفي التراب ستلقى؟!

ولماذا التسويف والغفلة وأنت تعلم أن الموت يأتي بغتة؟!

{كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ} [آل عمران: 185]، {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن:26-27]، {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [القصص: 88].

مضى العمر وفات *** يا أسير الغفلات
حصّل الزاد وبادر *** مسرعاً قبل الفوات

فإلى كم ذا التعامي *** عن أمور واضحات
وإلى كم أنت غارق *** في بحار الظلمات

لم يكن قلبك أصلا *** بالزواجر والعظات
بينما الإنسان يسأل *** عن أخيه قيل مات

وتراهم حملوه *** سرعة للفلوات
أهله يبكوا عليه *** حسرة بالعبرات

أين من قد كان يفخر *** بالجياد الصافنات
وله مال جزيل *** كالجبال الراسيات

سار عنها رغم أنف *** للقبور الموحشات
كم بها من طول مكث *** من عظام ناخرات

فاغنم العمر وبادر *** بالتقى قبل الممات
واطلب الغفران ممن *** ترتجي منه الهبات


موعظة

فتفكر يا مغرور في الموت وسكرته، وصعوبة كأسه ومرارته، فيا للموت من وعد ما أصدقه، ومن حاكم ما أعدله. كفى بالموت مقرحًا للقلوب، ومبكيًا للعيون، ومفرقًا للجماعات، وهادمًا للذات، وقاطعًا للأمنيات.

فيا جامع المال! والمجتهد في البنيان! ليس لك والله من مالك إلا الأكفان، بل هي والله للخراب والذهاب، وجسمك للتراب والمآب، فأين الذي جمعته من المال؟ هل أنقذك من الأهوال؟ كلا.. بل تركته إلى من لا يحمدك، وقدمت بأوزارك على من لا يعذرك.

ولقد أحسن من قال في تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} [القصص:77 ]، هو الكفن، فهو وعظ متصل بما تقدم من قوله: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ} [القصص: 77]، أي اطلب فيما أعطاك الله من الدنيا الدار الآخرة وهي الجنة، فإن حق المؤمن أن يصرف الدنيا فيما ينفعه في الآخرة، لا في الطين والماء، والتجبر والبغي، فكأنهم قالوا: لا تنس أن تترك جميع مالك إلا نصيبك الذي هو الكفن.

ونحو هذا قال الشاعر:

هي القناعــة لا تبـغ بهــا بدلا *** فيهــا النعيـم وفيها راحــة البــدن
انظر لمن ملك الدنيا بأجمعها هل *** راح منها بغير القطن والكفن؟!
فيا أخي

أين استعدادك للموت وسكرته؟

أين استعدادك للقبر وضمته؟

أين استعدادك للمنكر والنكير؟

أين استعدادك للقاء العلي القدير؟

وقال سعيد بن جبير: "الغرة بالله أن يتمادى الرجل بالمعصية، ويتمنى على الله المغفرة".

تــزود مـن التقـوى فإنك لا تــدري *** إذا جــن ليـل هـل تعيش إلى الفجــر
فكم من صحيح مات من غير علة *** وكم من سقيم عاش حينا من الدهر
وكم من صبي يرتجـى طول عمره *** وقـد نسجـت أكفـانــه وهــو لا يـــدري

أخواني واخواتي في الله تابعوا معنا السر الخطير
السر الخامس






توقيع : أم عبد المنعم


رد مع اقتباس