العودة   منتدى رياض الجنة - Riad Al-Ganah > الرياض الاسلامي والعلم الشرعي > روضة الكتب والمراجع الاسلامية

 

 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
المشاركة السابقة   المشاركة التالية
  #1  
قديم 12-30-2011, 01:24 AM
الصورة الرمزية أم عبد المنعم
أم عبد المنعم أم عبد المنعم غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2011
المشاركات: 1,256
افتراضي عدم التفريق بين المرض العضوي والنفسي وبين الصرع والمس

عدم التفريق بين المرض العضوي والنفسي وبين الصرع والمس
للشيخ محمد المقدم

بعض المرضى بمرض عضوي مزمن أو نفسي ييأسون من علاج حالاتهم، أو من قدرتهم على الخروج من المشكلات الاجتماعية، فإذا ما انتبه صاحب هذا الدافع إلى هذا الداء الجديد .. داء السحر واعتداء الجن؛ فسرعان ما يتعلق بالقشة، ويهديه تفكيره إلى أن سبب هذا المرض الذي يعاني منه هو من الجن أو السحر أو نحو ذلك، فيهرع إلى طلب العلاج. هناك أمراض عضوية، وهناك أمراض نفسية، والمريض بالمرض النفسي قد يتأثر بما يقرأه ويسمعه حتى يقع فريسة الإيحاء الذاتي، فيقرأ عنه من باب الفضول وحب الاستطلاع خاصة النساء؛ لأن أصل كلمة هستيريا مأخوذة من كلمة (هسترا) يعني: الرحم، فكانوا فيما مضى يقصرون هذا المرض فقط على النساء، إلى أن اقتنعوا في العصر الحديث بأنه مرض يصيب الرجال والنساء، لكن نسبة النساء فيه أكثر. الشاهد: أن النساء لهن تأثر بهذا المجال أكثر من غيرهن، حيث يقرأن عن الجان، ونواميسه، وحركاته، وكيفية اعتدائه ومسه للإنسان، ويفصل مؤلف الكتاب، ويشرح أعراض المرض، وأسبابه، وطرق علاجه... وأكبر خطأ يرتكبه المؤلفون: أنهم يجعلون هذه المادة متوفرة ومتاحة لكل من شاء، ويسترسل المؤلف في ذكر أعراض قد تتشابه في كثير من الحالات مع أعراض الأمراض العضوية والنفسية؛ من صداع، وضيق الصدر، وارتفاع ضغط الدم أو انخفاضه، أو مغص، أو غثيان، أو شبه غيبوبة، أو اضطراب عصبي، أو تشنجات إلى أو غير ذلك، وهذه الأعراض قد تقابلنا في حياتنا اليومية نتيجة أسباب شتى ومشاكل اجتماعية يعانيها الإنسان، فإذا كانت المرأة أو الشخص الذي يقرأ هذا الكتاب يعاني من هذه المشكلات فسوف يقتنع في ضوء ما قرأه أن به مس من الجن، أو أن هذه المرأة وقعت في شرك السحر، في حين أن الحقيقة غير ذلك، خاصة وأن بعض المرضى النفسيين يكون عندهم ما يسمى بالميل للاضطهاد، وكثير من الشعب المصري عنده ميل إلى أن يبين أنه مظلوم، وأن بعض الناس يحسدوه، أو يتآمروا عليه، أو يعملون له سحراً، أو أن الجن يؤذونه... إلى غير ذلك من مظاهر الشكوى والتظلم؛ وإسقاط المشاكل على الآخرين. فكثير من الحالات -التي هي في الأصل سالمة من الجن- عندها أعراض إما عضوية أو نفسية، وتجد أحدهم يتوغل في الوهم إلى أن يصبح الوهم في نظره حقيقة واقعة، وربما أدى به الأمر إلى أنه يتعرض لصرع الجن حقيقة؛ بسبب ذهابه إلى المعالجين، وهم الذين يجلبون له الجن، ويجنون عليه.
كثرة التخوف من الجن والمبالغة فيه
من جراء انتشار هذا الكلام، والمبالغة في الحديث عنه من خلال الكتب والأشرطة والجرائد انتشرت الأوهام والوساوس، والخوف المرضي، والهلع، وتغلغل ذلك في قلوب كثير من الناس، حتى إنهم عظموا الجن، وخافوا ورهبوا منهم، وضعف التوكل على الله سبحانه وتعالى، وتعلق الناس بالمخلوق الضعيف الذي يعتقدون أن عنده العلاج بدلاً من وثوقهم بالله سبحانه وتعالى، فصار فيهم شبه بمؤمني الجن الذين قالوا: وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنْ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنْ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً [الجن:6]، وهذا نفس ما حصل من هؤلاء المعالجين ومن هؤلاء المرضى، وقوله: (رهقاً) يعني: خطيئة وإثماً، قال القرطبي : المراد به ما كانوا يفعلونه في الجاهلية، كان الرجل إذا نزل في وادي وأراد أن يبيت فيه يقول: أعوذ بسيد هذا الوادي من شر سفهاء قومه. فيبيت في جواره حتى يصبح، أي: يتعوذ بملك الجن في هذه المنطقة من شر سفهاء قومه، فيبيت في جوار هذا السيد حتى يصبح. قال مجاهد : (( فَزَادُوهُمْ )) أي: أن الإنس زادوا الجن طغياناً بهذا التعوذ، والواو هنا -على هذا القول- تعود إلى الإنس، يعني: وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الإِنسِ يَعُوذُونَ [الجن:6] أي: يتحصنون ويحتمون ويلتجئون، بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا [الجن:6] يعني: فتسبب الإنس بفعلهم هذا في أن زادوا طغيان الجن، ونحن لا نعتب على الجن في هذه الحالة؛ لأنهم وجدوا أناساً عقولهم ضعيفة، فما بالهم لا يلعبون بهم وقد أتوا إليهم بأنفسهم، وأعطوهم من السلطان ما لم يكونوا يحلمون به؟! ولماذا لا يصرعهم الجن في الحقيقة؟! حتى قالت الجن: سدنا الإنس والجن. وقال قتادة و أبو العالية و الربيع و ابن زيد : ازداد الإنس بهذا فرقاً وخوفاً من الجن، وقال سعيد بن جبير : فَزَادُوهُمْ رَهَقًا [الجن:6] يعني: كفراً. وقد فُتح باب من الشر والبلاء، وخُدش التوحيد، وانتشر السحر، والجدل، وإهمال الدعوة بسبب الانشغال بكل هذه الأشياء التي فتحت لنا أبواباً من الشر ما كنا نسمع عنها من قبل، ولولا أني لست من أنصار تفسير كل شيء بالتآمر العلماني واليهودي والصليبي والاستشراقي لقلت: لا يبعد أن يكون هذا من فعل أعداء الإسلام، فهم الذين شجعوا هذا الخط، لكن أنا لست من أنصار هذا المنهج، وقد حقق هؤلاء من حيث لا يدروا لأعداء دعوة التوحيد مكاسب عظيمة جداً، ولابد أن أعداء الإسلام سيشكرون لهم أن شغلوا الناس بهذه الأشياء، وصدوا الناس عن سبيل الله، وأوقعوهم في الشرك، وأحيوا كثيراً من الفتن التي نلمسها!! يقول الرازي في تفسير الآية: المعنى: أن رجال الإنس إنما استعاذوا بالجن خوفاً من أن يغشاهم الجن، ثم إنهم زادوا في ذلك الغشيان، فإنهم لما تعوذوا بهم ولم يتعوذوا بالله استذلوهم واجترءوا عليهم، فزادوهم ظلماً. إذاً: الإنس هم الذين تسببوا في زيادة طغيان الجن، وكثير من هؤلاء الناس الذين يدّعون الصرع، ومن هؤلاء المسمين بالمعالجين، كان لهم دور كبير في إشاعة المس الوهمي والمس الحقيقي، (( فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ))، فاغتنم الشيطان حالة الرعب والفزع التي انتابت الناس بطريقة وبائية أكثر مما غنم من الطبع واللمس نفسه. ما يبلغ الأعداء من جاهل ما يبلغ الجاهل من نفسه فكان أن زادهم الشياطين رهقاً لما رأوهم قد ولعوا باللبس الجني، ونفخوا في الشيطان، حتى خافوه ونسوا قوله تبارك وتعالى: فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً [النساء:76]. بدلاً من الدعوة إلى التوحيد، وإلى تقوية الإيمان والتوكل على الله سبحانه وتعالى، وأن يتلوا عليهم قوله تبارك وتعالى: فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِي إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [آل عمران:175]، وقوله تبارك وتعالى: إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً [النساء:76]، بدل هذا كله؛ إذا بهم ينفخون ويعظمون الشيطان الذي أُمرنا بتحقيره وتصغيره، والصواب هو تحقيره وازدراؤه، كما روى الإمام أحمد : (إن المؤمن لينضي شياطينه كما ينضي أحدكم بعيره في السفر)، قوله: (ينضي) يعني: يأخذ بناصيته ويقهره ويذله، ألم يكن إبليس كما قال النبي عليه الصلاة السلام في حق ابن الخطاب : (ما رآك الشيطان سالكاً فجاً إلا سلك فجاً غيره)؟! بدل أن يوقدوا شعلة الإيمان واليقين في قلوب الناس، والتوكل على الله سبحانه وتعالى؛ حتى تحرق بنورها هؤلاء الشياطين، إذا بهم يجتهدون في إطفاء هذه الجذوة الإيمانية بتضخيم الشياطين، وأن الشياطين يفعلون ويفعلون! وهم بهذا الاعتقاد يضادون المنهج النبوي الذي علمنا إياه النبي صلى الله عليه وسلم. فإن الرسول عليه الصلاة والسلام علمنا كيف نحقر الشيطان، وكيف نتجنب الأشياء التي تنفخ هذا الشيطان وتعظمه، فعن رجل من الصحابة رضي الله تعالى عنهم قال: (كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم، فعثرت دابتي، فقلت: تعس الشيطان، فقال: لا تقل: تعس الشيطان، ولكن قل: باسم الله، فإنك إذا قلت ذلك تصاغر حتى يكون مثل الذباب)، أي: لأنك إذا قلت: تعس الشيطان، كأنك تبين أن الشيطان قد بلغ منك مبلغاً حينما يكيدك وأنه يفعل بك ما يريد، وهذا مما ينافي سلوك أهل التوحيد. فهؤلاء الذين يهزمهم الرعب والخوف هم مرضى من كثرة ما يسمعون، فهم يفزعون ويخافون، بل ويخيفون الأطفال، فإن الأطفال حينما يسمعون هذه الأشياء يخافون من النوم في الظلمة، ومن الجلوس في البيت بمفردهم، وهذا خوف مرضي، وهو خطر على نفسية الأطفال بلا شك. فهؤلاء يهزمون أنفسهم بأنفسهم بسبب الرعب الذي يُدخلونه في قلوبهم من خوف الجان، كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ [المدثر:50]، وينادي أولهم آخرهم: الجن.. الجن، السحر.. السحر، العين.. العين!


توقيع : أم عبد المنعم


رد مع اقتباس
 


« الموضوع السابق | الموضوع التالي »

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
عوامل رواج السحر والمس ومظاهرهما أم عبد المنعم روضة الكتب والمراجع الاسلامية 0 12-25-2011 02:03 AM
سلفي |الحاخام الأكبر في إسرائيل : صوت المرأة «عورة» وفقا للشريعة اليهودية. والمس... S.N.N اخبار شبكة سلفي الاخبارية | S.N.N 0 09-29-2011 01:52 PM
سلفي | باريس | أفتتاح مهرجان الثقافات الإسلامية بباريس لتوضيح صورة الإسلام والمس... S.N.N اخبار شبكة سلفي الاخبارية | S.N.N 0 09-15-2011 09:10 PM
تساءلت بيني وبين نفسي كم راتبي من المنتدي ابو تسنيم روضة الحوار العام 4 11-29-2010 09:50 PM
الحجب العشرة بين العبد وبين الله المشتاقة للجنة الروضة الاسلامية العامة 2 08-14-2010 04:14 PM

استضافة الحياة

الساعة الآن 04:06 PM.


Powered by vBulletin® v3.8.4, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. , TranZ By Almuhajir
النسخة الفضية
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

SlamDesignzslamDesignzEdited by Riad Al-Ganah Team - جميع الحقوق محفوظة لشبكة رياض الجنة

Privacy Policy Valid XHTML 1.0 Transitional By SlamDesignz Valid CSS Transitional By SlamDesignz