المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سلفي | مصر - صحافة | حوار جريدة الفتح مع الشيخ / شريف الهواري .#salafi & .. ال...


S.N.N
12-20-2011, 10:24 PM
?سلفي | مصر - صحافة | حوار جريدة الفتح مع الشيخ / شريف الهواري .#SALAFI & ..

الشيخ شريف الهواري: القصاص وإقامة الحدود من سلطة الحاكم ونرغب الناس في العفو والمسامحة
حوار أجراه : محمد كمال الباز

تعيش مدينة العامرية فى غرب الأسكندرية قصة نجاح فريدة فى العمل الدعوى الإسلامى، فتتجاور فيها أخلاط شتى من الثقافات والتقاليد، وجماعات سكانية متنوعة الأصول، هذه الأخلاط والجماعات كان من المتوقع أن تثير فى تجاورها فتنا عارمة إلا أنها تنعم بتعايش وسلام ملحوظين، مما استدعى "الفتح" أن تقوم بزيارة للمدينة لتقف على أسباب هذا النجاح عبر حوار مع أحد رجال الدعوة الإسلامية وأحد قادة العمل الاجتماعى فيها، وهو الشيخ شريف الهوارى، يحدثنا عن نشأة الدعوة بالمدينة وانتشارها فيما جاورها، وبدايات العمل فى الإصلاح بين الناس من خلال التحكيم الشرعى، كما يحدثنا عن جملة من القضايا الفريدة التى مرت به.

البداية
- تعريف بالشيخ؟
- شريف الهواري من العامرية غرب الإسكندرية وعضو مجلس إدارة الدعوة السلفية وأعمل بالدعوة لله عز وجل من بداية الثمانينات.
- كيف كانت نشأة الدعوة بالعامرية؟
- في الحقيقة البداية كانت من الثمانينات، وكانت الأجواء متهيئة لسلامة الفطرة، ولمعرفة الناس بعضهم بعضا في هذه الأمـــاكــــــن، وبتوفيق الله تبارك وتعالي بدأنا الدعوة وكانت البداية بسيطة، لكن مشايخنا جزاهم الله خيراً كــــان لهــــم دور عظيم جداً في توجيهنا وإرشادنا، وهم الشيوخ محمد إسماعيل المقدم، وسعيد عبد العظيم وياسر برهامي وأبو إدريس وأحمد فريد وأحمد حطيبة جزاهم الله خيراً، وبدأت الدعوة وانطلقت قوية بفضل الله عز وجل وانتشرت في أنحاء العامرية وضواحيها والقري والنجوع وهذا بتوفيق الله عز وجل قبل كل شيء.

خصوصية العامرية
- العامرية ذات طبيعة سكانية خاصة، هل لفضيلتك توضيح هذه الخصوصية؟
- في الحقيقة العامرية لها خاصية تختلف عن جميع أحياء الإسكندرية هي في الأصل تابعة لمحافظة الإسكندرية لكننا للطبيعة الخاصة الموجودة في منطقة العامرية وضواحيها وامتدادها نختلف عن سائر المناطق وتعدينا الحدود الجغرافية المرسومة لنا كحي من أحياء الإسكندرية حيث انتشرت الدعوة حتي وصلت إلى ما بعد مدينة الحمام وقد تصل إلى الضبعة بل إلى مطروح نفسها وامتدت من الناحية الأخرى إلى مدينة وادي النطرون ومدينة السادات.
مدينة العامرية تجمع خليطاً من العادات والأعراف والتقاليد، فعندنا قبائل عربية بأنواعها وفصائلها، وبطون الصعايدة جميعها، وقبائل كثيرة جداً من محافظات شتي من الصعيد، وعندنا فلاحين من محافظات الوجه البحري، وعندنا من الإسكندرية ووجدنا بعض الفصائل من ليبيا والمغرب ولهم أعراف وتقاليد.
في البداية واجهتنا صعوبات، وكان دائماً هناك نزاعات وخلافات حزبية وعصبية وجاهلية، وبفضل الله عز وجل كنا الفصيل الوحيد الذي بدأ بالدخول لهؤلاء جميعاً عن طريق التزام بعض الشباب من كل هؤلاء الأطياف. وبفضل الله عز وجل نجحنا أن نفوز بتقدير واحترام الجميع كفصيل محايد للدعوة، وكانوا ينزلون على توجيهات ونصائح الدعوة وإرشادات المشايخ حتي بات الجميع يتحاكمون للدعوة وينظرون إليها بتقدير واحترام. وحأولنا أن نقضي على العصبية والحمية والجاهلية القديمة، وقد نجحنا إلى حد كبير، ومن يأتي إلينا يلاحظ ذلك، وأصبح الجميع في بوتقة واحدة وأصبحنا بفضل الله عز وجل كأسرة واحدة.

أمن الدولة والعمل الدعوي
- ماذا عن الإدارة الأمنية قبل الثورة؟
- الأمن وأمن الدولة تحديداً في العهد البائد كان حريصا على ألا تلتف حولنا القبائل، وألا تجتمع بيننا الأعراف والعادات والتقاليد، فكانوا دائماً ما يسعون للوقيعة بيننا وبين هؤلاء، ولكن بفضل الله كان عندنا رصيد عند الناس وكانوا يجتمعون علينا وكان احتكاكنا بواقع ومشاكل وظروف الناس يحول بين حدوث هذه الوقيعة.
وبفضل الله تبارك وتعالي كانوا يفشلون في كل مرة فى أن يحولوا بيننا وبين الناس، لأننا كنا قد قررنا في دعوتنا أن ننزل إلى واقع الناس، فكنا نشاركهم أفراحهم وأحزانهم ومشاكلهم وظروفهم الخاصة و كل ما يخصهم، ولذلك فشلت كل المحأولات لإبعادنا عنهم بشتي الطرق بفضل الله عز وجل.

الدعوة والعمل الاجتماعي
-ما هي إذن أبواب العمل الاجتماعي الذي قامت به الدعوة وأحدثت هذا التقارب الكبير؟
- الدعوة نزلت للعمل الاجتماعي بأساليب كثيرة، حيث نجد مثلاً الكفالة الاجتماعية لأسر الفقراء والأيتام، وكان الأمن يحول بيننا وبين هذا العمل، فعملنا تحت مظلة الجمعية الشرعية، فنكفل قرابة خمسة آلاف يتيم في المنطقة، لهم مرتبات شهرية وإعانات في الأعياد والمدارس والمناسبات، ونعمل على المساهمة فى تزويج الفتيات اللاتى بلغن سن الزواج، مع متابعة ومراعاة أسر الفقراء وتقسيمهم إلى شرائح.
يضاف إلى ذلك العمل الدعوي في أوساط الناس، وذلك من خلال العمل الاجتماعي كالمشاركة في الأفراح وبقوة، وكان لها أثر عظيم حيث غيرنا نمط الأفراح المعروف من تقاليد وأعراف والذي كان نمطا لا يليق بالمسلمين أصلاً، والحمد لله رب العالمين، انتقلت الأفراح إلى محافل دعوية وندوات علمية، وكان لها أبلغ الأثر في توجيه الناس وتصحيح الأفكار والعقائد والسلوكيات.
كذلك كان لنا دور في حالات الوفاة، بداية من التغسيل والتكفين والتشييع على السنة والقضاء على البدع، والأموال التي كانت تنفق.
لكن أشهر ما عرفت به الدعوة فى العامرية، إنشاء لجنة للإصلاح بين الناس، والتى كان لها بفضل الله عز وجل أبلغ الأثر، وكانت تأتينا القضايا بكم كبير جداً حتي أنك تجد الناس يأخذون ميعادًا بعد شهر ينتظرون التحكيم والإصلاح بالشرع.

- وهل سمح الأمن لهذا التحكيم الذي تقوم به لجنة الإصلاح بين الناس؟
- كان موقف أمن الدولة معارضاً في هذا الباب، وحأول جاهداً أن يمنعنا بأن نحكم بين الناس بشرع الله عز وجل، لكن عمل هذه اللجنة قد انتشر واستقر قبوله بين الجميع، ووصل إلى كل مكان، وكان يأتينا أناس من محافظات أخري وليس من نطاق العامرية فقط، بل كان يأتي اناس من سيناء والإسماعيلية ودمياط ومطروح والبحيرة والجيزة والقاهرة، يتحاكمون لشرع الله عز وجل، وخصوصاً في قضايا القتل العمد والنزاعات والخلافات الموجودة بين القبائل، ومع إصرار القبائل في التحاكم إلى شرع الله، وعجز الأمن في منع ذلك أو السيطرة عليه، كان في بعض الحالات يأتي الأمر من وزير الداخلية بالسماح لهذا التحكيم، خوفا من رد فعل هذه القبائل، التي من الممكن أن تحدث مشاكل كثيرة للأمن، فلفقت أمن الدولة لنا قضية في 2002 تقريباً، وكانت الاتهامات الموجهة تقريباً في 16 بندًا، البند الأول طبعاً محأولة قلب نظام الحكم وهذا معلوم ومرتب دائماً في قائمة الاتهامات، والبند الثاني إقامة محكمة شرعية للحكم بين الناس.

حب الناس للشرع كان السلطان الحقيقي في قبول الأحكام الشرعية
- ما السلطة التي يستند عليها التحكيم الشرعي فى تنفيذ أحكامه؟
- في الحقيقة ليس لدينا سلطة تنفيذية، ولكن سلطان الشرع، أى سلطان القرآن والسنة، فالناس لا يأتون إلا برضاهم، ونطلب ممن يقبل الحكم الشرعي أن يوقّع إقرارا بقبوله، وإذا جلسنا نستمع للمشكلة نذكر الناس بالآيات والأحاديث عن وجوب التحاكم لشرع الله عز وجل، فما أن كانوا يسمعون الآيات حتي يسَلِّموا ويقبلوا بطريقة كنا ننبهر لها.
نقول إن الناس فيهم خير كثير ويحبون دين الله عز وجل، وإن التخويف والإرجاف من شرع الله عز وجل مجرد كلام في الإعلام لا رصيد له عند الناس. فحبهم للدعوة واختيارهم لنا برغبتهم ورضاهم كان هو السلطان الحقيقي في قبول الأحكام الشرعية، وبفضل الله أؤكد أن أحكاما كثيرة قُبلت، وأذعنوا لها بطريقة أبهرت كل من يشاهد الموقف.

- هل تعرض من يحكم في هذه القضايا إلى الخطر؟
- إننا لا نتدخل إلا برضا الطرفين، ولا شك أننا نتوقع الخطر لأن كل القبائل والأطراف بها بعض السفهاء والحمقى والمتسرعين والمندفعين، لكن الغالبية العظمي كانت بفضل الله عز وجل تُكن كل التقدير للإخوة السلفيين، وربما يخرج سفيه مندفع متسرع غاضب مثلاً متأثر بمقتل ابن أو أخ، فنحتمل بعض الكلمات والتصرفات، وكنا نوطن أنفسنا على ذلك، ونقول نحن في جهاد الدعوة ونمررها لا نقف عندها بفضل الله عز وجل.

أنواع القضايا
- ما هي نوعية القضايا التى تصديتم لها؟
- أكاد اجزم أنه ما من مجال إلا وأتت لنا فيه قضية، فتأتينا قضايا متعددة في الدماء والمواريث وفي الأحوال الشخصية، وفي النزاعات القبلية على الحدود والأراضي والمشاجرات في الأسواق والطرقات، ومشاكل بين الجيران مسلمين مع مسلمين ومع غير المسلمين، وحتى غير المسلمين من النصارى مع بعضهم البعض كانوا يأتون يتحاكمون إلينا، فكانت تأتينا قضايا في كل ما يخطر لك وكنا بفضل الله عز وجل نقدم حكم الشرع في كل الأحوال.

- كيف كان يتعامل القضاء الرسمي مع الأحكام التى يصدرها هذا التحكيم الشرعى؟
- بفضل الله عز وجل كثير من الأحكام التي أصدرناها وخصوصاً في قضايا القتل بين القبائل كانت المحاكم المدنية تأخذ بها، وأتذكر قضية كانت في قرى النهضة، ولأول مرة في مصر منذ قرون يطبق حكم القسامة، وبفضل الله كانت قضية قتل في مشاجرة ليلاً، ولم يوجد بينة، وكان هناك لوث ( خلافات قديمة ) بين الطرفين، وقمنا بتطبيق حكم القسامة، فعرضنا على أهل الدم أن يقسم خمسون رجلا منهم خمسين يميناً أن المدعى علىهم قتلوا قتيلهم، وبذلك يكون لهم الدية المغلظة، فرفضوا لأنهم كانوا أناسًا نحسبهم على خير ودين وما عندهم بينة، فرفضوا، فيتحول شرعاً اليمين على المدعى عليهم، فأقسم خمسون رجلا منهم خمسين يميناً أنهم ما قتلوه، ولا يعرفون من قتله، وكتبنا هذا الحكم ومحامي الطرف المدعي عليه قدمه للمحكمة، وحكمت ببراءة المتهمين، بعد أن كان تقرير المباحث يؤدي إلى الإعدام، وبفضل الله لما قرأه القاضي أعجب به تماماً.
كان يوما مشهودا يوم أن طبقت القسامة، وكان هناك عدد ضخم من الناس موجودا، وأتينا بالقبيلة المدعي عليها، واحدا تلو الآخر يقسم بالله العظيم على كتاب الله عز وجل في مشهد مهيب أمام الحضور، حتي أنني لا أنسي ضابط قسم الشرطة الذي كان مكلفا لحراسة الصلح بكي بكاء شديدا جداً متأثراً من هذا المشهد وهذا الموقف فكان يوما مشهودا، ومشهدا عجيبا لم يتعودوا علىه وطبقت القسامة حرفياً وحكم على المتهمين بالبراءة، وخرجوا، وهكذا كثير من الأحكام أخذت بها المحكمة بفضل الله.

قضايا الدماء
- كيف يقام التحكيم فى الدماء بالذات وما يتعلق بالقصاص بالأخص؟
- القتل في الشريعة ثلاثة أنواع قتل خطأ وشبه عمد وعمد.
- الخطأ كحوادث السيارات وما شابه ذلك وفيه دية مخفضة 100 ناقة، تترأوح أسعارها ما بين 400 إلى 450 وقد تصل إلى 500 ألف حسب سعر الناقة وقتها، وليس فيه قصاص.
- شبه العمد وهو ما كان في مشاجرة كالذي يضرب بعصي أو حجر أو بيده فيقتل، وهذا ليس فيه قصاص ولكن فيه دية مغلظة أيضاً 100 ناقة لكن فيها أربعون عشار(في بطونها أولادها) وهذه تزيد في السعر قد تصل إلى 700 ألف أو تزيد قليلاً، فالدية المخففة نوضحها ونقول إنها من حق أولياء الدم وهم الورثة الشرعيون (الذكور من العصبة والقرابة) إن عفوا عن الكل أو الجزء فالأمر يرجع لهم، والمغلظة أيضاً نعرضها ونعرض العفو أو الصفح عن جزء أو الكل فإن لم يعفوا يأخذوا الديه كاملة فقط، وهذه أغلب النزاعات الموجودة.
- العمد هو ما ضرب بما يقتل غالباً بالأسلحة النارية والبنادق والسيوف والسكاكين أو ما شابه، وفيه الخيار ما بين القصاص والدية المغلظة أو العفو المجاني، والخيار لأولياء الدم ما بين القصاص أو الصلح على الدية واحدة كانت أو أكثر.
وعندنا أمثلة كثيرة وقعت معنا في القتل العمد، أوضحنا أن لهم القصاص وهذا من حق الحاكم، وليس من حق الأفراد، حتي لا تحدث الفوضي، فهو بيد المحكمة الرسمية لو حكمت بالإعدام فهذا قصاص، فالقصاص ليس من حقنا بل من حق الحاكم ونحن لا نطبق القصاص، ونادراً ما تعرضنا للمطالبة بالقصاص.
فكنا ندعوهم للصفح عن الدم، أو قبول الدية فقط أو قبولها مع زيادة عليها ربع أو نصف أو حتى دية ثانية، وكثير من الناس تصفح دون أى دية، وهناك أناس أخذوا ديتين كاملتين فى رجل واحد قتل عمدا منهم.

- ما الحكم في قضايا الجراح أو التي فيها قطع بعض الأعضاء؟
- نحن بفضل الله عز وجل عرضت علينا قضايا كثيرة جداً مثلاً كالشجاج مثلاً يبدأ من الموضحة مروراً بالهاشمة إلى الخارصة ، و الكسور أيضاً لها تقدير شرعي، أما إقامة الحد وهذا ما لم نفعله؛ لأن هذا من حق الحاكم، ولم نطبق الحدود نحن بأمر الله عز وجل نحن ننصح الناس بأن يأخذوا الدية الشرعية المقررة في مثل هذا، مثلاً رجل قطع يد آخر، فيه نصف الدية، أو الرجل فيها نصف الدية إلى آخر ذلك من تفصيلات شرعية، وكان الناس بفضل الله يقبلون العوض، فرجل مثلاً فقع عين آخر نقدرها على الدية المغلظة ويأخذها وهكذا، فهناك منذ أقل من أسبوعين أعتدي شخص على آخر فقطعت رجله تماماً من فوق الركبة فأخذ فيها نصف الدية وتم التصالح على ذلك وانتهت القضية، أما تطبيق الحدود فهذا كما قلت وأكرره من حق الحاكم حتي لا يقال إننا دولة داخل الدولة أو يقال اننا نقيم الحدود أو ما شابه ذلك نحن نبين الحكم الشرعي ونفرق بين إقامة الحد وبين النزول عن رضا صاحب الدم بالدية المحددة شرعاً.

أحرج القضايا
- ما هي أحرج القضايا التى تعرضتم لها؟
- بالنســــــبة للقضايا الحرجة التي لم أنسها قضية قتل وقعت بين قبيلتي التى أنتمى إليها هوارة وقبيلة العجارمة، وقُتل في بداية الأمر رجل من عندنا على يد رجل من قبيلة العجارمة، ورضي كلا الطرفين بتحكيم الشرع، وحددوني أنا شخصياً، وانا من أهل القتيل، وكان فعلاً الأمر لافتًا للنظر، وبعض القبائل الأخري قالوا كيف ترضون ذلك وهو من نفس الطرف، قالوا نحن نثق في الإخوة السلفيين، وأنهم لن يجاملوا، ولذلك نحن نرضي به.
وفعلاً تحركنا واستمعنا واطلعنا على التقارير الطبية وأقوال الشهود وما شابه ذلك، وحكمنا في القضية، أذكر أنه كان بدية قتل خطأ على العجارمة، وقَبْل تنفيذ الحكم بيوم، قام واحد من أبناء قبيلتى، تسرع وقتل آخر من قبيلة العجارمة عمداً، والعجيب أن العجارمة أصروا أن أحكم في القضية مرة أخري.
وطبعاً الموقف كان شائكًا بالنسبة لي، لكن هذا حق ودين، وقلت إن القضية فعلاً قتل عمد، وفيه يُعرض على ولي الدم القصاص الذي هو من حق الحاكم، وبين الدية المغلظة، وبين العفو المجاني، وذهبت إلى ولي الدم والرجل نحسبه من الطيبين، فقلت له أنا أتيت إليك، وأعرض عليك ما يعرضه الشرع أنت مخير بين ثلاثة، وإن شئت عفوت عن الدم وأنا آتيك بدية، أو دية ونصف، أو ديتين من قبيلتي، وإن شئت عفوت لله عز وجل، وفوجئت بعد فترة أنه قال انا اخترت العفو المجاني لله عز وجل.
وكان يوما مشهودا، حضر هذا الصلح أكثر من 10 آلاف فرد من جميع القبائل الاخري حتي يعرفوا ما الحكم، وفي المجلس تلونا نص الحكم، وبالتالي قبيلة هواره عفت عن الدية التي لها، وتعانق الجميع في يوم مشهود، وكان صلحاً ويوماً لا ينسي. ولذلك أنا ادعو لهذه القبيلة بأن جزاها الله خيراً على تحكيم شرع الله.
أصناف من المتخاصمين

- ذكرتم من قبل تنوع المتخاصمين الذين يحملون إليكم قضاياهم، هل تزيدوننا في ذلك إيضاحا؟
- يأتينا أطياف المجتمع كلها للتحاكم للشرع لانتشار خبر هذه اللجنة الشرعية ولما ترتب على دخولها في كثير من القضايا، فيأتي إلينا سكندريون وعرب وصعايدة وفلاحون، لأننا لا نميل لعادات دون أخري، ولم نتحيز لأحد، فكان الكل بفضل الله عز وجل يأتى حتي أن النصارى في محيط العامرية يأتوننا لطلب الحكم الشرعي في نزاعات بينهم وبين المسلمين، وبينهم وبين أنفسهم وهذا بفضل الله عز وجل لا يعد ولا يحصى.
كان هذا قبل الثورة وازداد بعد الثورة، حتي إن أقسام الشرطة ترسل لنا كمًا كبيرًا من النصارى لحل مشاكلهم وقضاياهم مع مسلمين، ومع بعضهم البعض، وأيام الحكم الظالم كانت الشرطة تحذرنا أن ندخل في مثل هذه الأمور وكان النصارى يصرون على المجيء رغم ذلك.

أطرف القضايا بين المسلمين والنصارى
وأذكر قضية طريفة، كانت هناك مشاجرة شديدة جداً بين مسلمين ونصارى، وبعض المسلمين ضرب بعض النصارى ضربا شديدا، حتي كان هناك شجاج في الرأس وكسور في الجمجمة، وإصابات شديدة والأمر تصاعد، والطرف المسلم كان على قرابة من قيادات الحزب الوطني وقيادات أمنية، فتدخلت القيادات وحأولت إدخال بعض علماء الازهر والأوقاف ورجال الحزب الوطني وأمن الدولة، وأصر النصارى على عدم الرضا بهؤلاء أبداً، وصعد الأمر لوزير الداخلية، وفي النهاية، قالوا للنصارى: ماذا تريدون؟ قالوا لهم: نريد حكم الشرع عند الاخ شريف الهواري، يحكم بيننا، فأتذكر أن الضابط قال لهم: حكم الشرع؟ وعند السلفيين كمان؟ كيف؟ قالوا له: هكذا هو الأمر، وإما لن نتصالح، والضابط عنده أوامر ألا نتدخل في مثل هذه الأمور، لكن المشكلة وصلت لأعلى مستوى حتي انتشرت لخارج مصر، فقال للناس الوسطاء بين النصارى والمسلمين اذهبوا انتم معهم للشيخ شريف الهواري ما دام يحل المشكلة. فجاء النصرانى - وهو تاجر مواد غذائية كبير موجود ومعروف - وقال لي: جئت لكي تحكم بيني وبين قبيلة كذا بالشرع، فقلت له: عندي شرط، قال لي: تفضل، فقلت: تمضي على إقرار إنك راض بالحكم الشرعي، فمضى بالرضا بالحكم، فقمت بتشكيل لجنة من الإخوة، وذهبنا للمصاب فى البيت، وسمعنا اقواله، وطالعنا تقارير الأشعات، وسمعنا من الطرف الثاني، وشهادة الشهود، وكتبنا الحكم الشرعي، وبفضل الله عز وجل جهزنا الحكم وقمنا بمراجعته مع مشايخنا الأفاضل الشيخ ياسر برهامي والشيخ أحمد حطيبة وكتبناه.
قلت لهم أريد ثلاثة اشخاص من الطرفين والمصاب نفسه في مكان خاص نعلن فيه الحكم، وبعدها ننتقل لمجلس الصلح، وجاء بالفعل ثلاث شخصيات كبار من النصارى منهم وكيل وزارة ومعهم المصاب وشقيقه، وأوضحت أن الشرع أمرنا بالعدل والإنصاف، وبينا فضيلة التحاكم لشرع الله عز وجل، وأننا ليس عندنا فرق بين خصمين أبداً وكلهم سواء، ونحن بعد مطالعة التقارير وجدنا الحكم الشرعي أن المصاب يحق له تقريباً 69 ألف جنيه وكسور، وانتهيت من الكلام وقلت اريد ان اسمع رأيكم، فقام الرجل الكبير من النصارى وقال: نحن فخورون جداً وسعداء بسماعنا هذا الحكم، وحتي لو كان الحكم 69 مليون جنيه سوف نسامح عشان خاطرك وعشان شرع ربنا أنصفنا، ونحن من الجلسة هذه متنازلون ونعمل محاضر صلح بما يريدون، ومن هذه اللحظة الموضوع انتهي.
فقلت له: لو سمحت انا أريد سماع العفو من المصاب ذات نفسه مع احترامي وتقديري لك، لكن هو من يقول، وانا كفيل اجيب حقه، فقلت للمصاب: ما رأيك؟ فقال: انا تقديراً لما قلت، ولشرع الله، أنا عفوت عن حقي كله، لا أريد منه شيئًا، وأنت سمعت رأي الرجل الكبير، وأنا موافق على كلامه ومقر به.
وتخيل أن أمن الدولة يتصل بى أثناء الجلسة يسأل عن: ماذا يحدث؟ وما هو الحكم؟ فقلت له: الحمد لله قبلوا الحكم وعفوا لله، فلم يصدق أن يحدث عفو بعد كل ما بذلوا من جهود فاشلة، وكان صلحًا مشهودًا وما زالوا يحترموننا ويقدروننا ويعرفون اننا اعطيناهم حقوقهم .

قضية لاتنسى
وهناك قضية لن أنساها، نزاع على أرض نصارى اشتروها منذ زمن من لواء شرطة عامل وضع يد على أرض، ويوجد مشكلة بينه وبين قبيلة عرب، فلما جاءت الثورة راحت القبيلة على الأرض واحتلوها، وقعدوا فيها، والنصارى أرادوا التحاكم للشرع، وجاءوا إلى المسجد، وسمعت من الطرفين، وطالعت الأوراق، ووضح لي أن النصارى أصحاب حق، والأوراق سليمة، فقلت: لهم حق يمين على القبيلة، وطلبت من القبيلة أن يأتوا لي بالوريث الشرعي لصاحب الأرض الأول ليحلف اليمين، فجاؤا برجل دخل في سن الشيخوخة التى لا تجعلنى متثبتًا من يمينه، فبفضل الله عز وجل رفضت أن اعرِّض الشيخ المسن لليمين، وحكمت بالأرض للنصارى، وقمت بإنهاء المشكلة واستلموا أوراقهم وأرضهم، وخرجوا من الجلسة ولا يصدقون أنفسهم من الفرحة.

النصارى يتحاكمون للشرع
- ماذا عن القضايا بين النصارى وبعضهم؟
- هناك قضية بين اثنين من النصارى، أحدهما من اسكندرية و الآخر من العامرية بينهم نزاع على شراكة تجارية وارض ومال، واختلفوا وذهبوا للكنيسة، ولا اعلم ما الذي تم، ورضي الطرفان بالتحكيم الشرعى، فسمعنا من الطرفين وحكمنا الحكم الشرعي، وحددنا موعدا لتسليم الحق للنصراني الأول السكندرى، وقمت أنا بشخصي بضمان النصراني الذي علىه الحق، وقلت له حقك عندي وانا واثق أن الراجل سوف يأتي في الميعاد، وفعلاً جاء في موعده وكان عليه مبلغ كبير لا داعي لذكره، وجاء بنصف المبلغ وقال النصف الآخر أطلب مهلة لسداده. في اليوم التالي جاء السكندرى لأخذ النقود فقلت له الرجل جاء بنصف المبلغ، وأنا سوف أكمل الباقي من مالى الشخصى لأنى أضمنه، والراجل عنده ظروف، وسأنتظره، السكندرى تأثر جداً فأخرج 1000 جنيهًا، قال لي أنا أتبرع بها للمسجد فقلت له لا طبعاً، لا والله ما آخذ منك مليمًا، لو تريد أن تنفق في أي مكان آخر، لا آخذ حتي صدقة، ضعها أنت في أي مكان آخر بمعرفتك، والرجل خرج من عندي متأثرا والدموع في عينيه، بكي والله، وتأثر من المشهد جداَ جداَ وظل يدعو لنا وهذا النمط كثير جداً بفضل الله.

إعداد القاضي الشرعي
- هل من الممكن أن تحدثونا عن مراحل إعداد الحاكم الشرعي؟
- أصل التحكيم بين الناس الإلمام بالعلوم الشرعية في هذا الباب، ولابد من القراءة والاستمرارية في الاطلاع، ومراجعة مستمرة للمشايخ وبفضل الله عز وجل أي حكم شرعي من الاحكام الكبيرة نقوم بتجهيزه ثم عرضه على المشايخ الأفاضل، وبفضل الله يقرون اغلب الأحكام، يقدمون ويؤخرون، نتناقش في الادلة نقوم بالبحث أكثر، فالرجوع لأهل العلم في هذا الباب مهم جداً لأن هذه حقوق والمرء يخشي على نفسه. نحن نحأول أن نعد كوادر جديدة ونؤهلها عن طريق الدراسة في المعاهد عندنا والفرقان بالإسكندرية، والفرقان بالعامرية على الأبواب أن يفتح، وفي الجلسات الخاصة عندي بعض الطلبة المهتمين بهذه القضايا، أوجههم بدراسة هذه الأبواب تحديداً وعمل الأبحاث الشرعية فيها، أحياناً نأتي ببعض الإخوة من مناطق عديدة نعلمهم كيفية إدارة الجلسة والسيطرة عليها وكيفية الحكم على المشكلة، واستخراج الأدلة من القرآن والسنة والأبواب الفقهية، بفضل الله عز وجل نحن في طريقنا لإعداد كوادر ستنتشر في كل مكان، وعندنا خطوة جديدة هي أن نعمم هذه اللجنة بعد إنشاء الجمعيات، وربنا أكرمنا بزوال الحكم الظالم وأنشأنا أكثر من جمعية، منها جمعية الدعاة وأمة واحدة وفيها "لجنة إصلاح ذات البين" وسنعمم ونوسع فيها ونقوم بتدريس الأبواب الفقهية اللازمة لمن يتعرض لهذه الأمور فيها.?

http://photos-e.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-ash4/409439_324590440898045_208614759162281_1230069_160 6494016_s.jpg (http://www.facebook.com/photo.php?fbid=324590440898045&set=a.208634749160282.54543.208614759162281&type=1)