المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سلفى | مقالات | د. محمد على يوسف يكتب .. وجاء الخامس و العشرون من يناير ..... #s...


S.N.N
01-24-2012, 06:34 PM
?سلفى | مقالات | د. محمد على يوسف يكتب .. وجاء الخامس و العشرون من يناير ..... #SALAFY $

أثقل أيام مرت علىّ فى حياتى كانت الأيام التى سبقت الخامس و العشرين من يناير الماضى
أذكر جيدا أننى لم أذق للنوم طعما لما يقارب الأيام الثلاثة حتى سقطت مغشيا على من دون أن أشعر
لن أدعى أن وصل الليل بالنهار و انعدام النوم كان بسبب انشغالى فى التخطيط و التدبير للثورة أو أن ما حرمنى النوم فى تلك الأيام و الليالى و أسهد جفونى و حرمها لذة النوم كان وجودى فى طليعة الشباب الذين أشعلوا فتيلها
بالعكس كنت فى بيتى بين كتبى و مذكراتى
كنت فى بيتى بين حيرتى و ألمى
نعم أعترف
ظللت أول أيام الثورة محتارا لا أدرى ماذا أفعل
تتجاذبنى أقوال و آراء و تمزقنى مشاعر متناقضة
لم أكن أريد أن أفعل شيئا خاطئا يحاسبنى الله عليه و فى نفس الوقت لا أستطيع أن أسكت على الظلم و الامتهان الذى اكتوت به بلدى و كنت أحد من ذاقوه
فاجأتنى الثورة كما فاجأت الكثيرين
مكثت أياما بين كتبى و أبحاثى أقلبها و أعتصر ذهنى لأخرج كل ما تعلمت فى هذا الباب
ظللت كذلك ليومين تقريبا لازلت أتذكر مرارتهما و آلامهما حتى جاءت جمعة الغضب
يومها حسمت أمرى
حسمت أمرى حينما رأيت الدماء و سمعت الرصاص
حسمت أمرى حينما رأيت الوحشية و الشراسة التى تعامل بها الظالمون مع إخوانى و أخواتى
حينما رأيت شبابا بل و أطفالا قد رقدوا مهشمى الرؤوس و الأوصال فى المستشفى الذى هرعت إليه لأشارك فى إسعاف الجرحى و التخفيف عنهم
فى تلك اللحظة أيقنت أننى لن يمكننى السكوت بعد اليوم
لن يمكننى حبس الحق فى صدرى و عدم الجهر به
لن يمكننى النظر لنفسى فى المرآة و إخوانى يموتون و تختلط دماؤهم بدموعهم بينما أنا آمن مطمئن فى بيتى
لن يمكننى النظر فى عين ولدى حين يسألنى بعد أعوام لماذا سكت على الظلم و لم لم تقل كلمة حق إذا لم أفعل
و الأهم من كل ذلك أننى لن يمكننى تجاهل ما أحفظه من قول حبيبى صلى الله عليه و سلم " و سيد الشهداء حمزة و رجل قام إلى إمام جائر فأمره و نهاه فقتله "
هذا الحديث الذى قرأته حينها و كأنى أقرأه لأول مرة
و من تلك اللحظة لمدة أسبوعين تقريبا لم أر بيتى إلا قليلا
و رغم شدة الأيام الأولى التى لم أنزل فيها و قسوتها على قلبى ، إلا أنه و بعد أن اتخذت قرار النزول يوم 28 و رغم التعب و النصب الذى عانينا منه فى الأيام التالية إلا أنها كانت على القلب أحلى من العسل
كنا رغم الإرهاق و السير لساعات و تشقق الحناجر من الهتاف نهارا و برودة اللجان الشعبية ليلا إلا أننا كنا نجد لذة و راحة لم نعلم قدرها إلا بعد أن انقضت
لذة قول الحق و راحة إرضاء الضمير
أذكر هذه الأحداث اليوم و تمر أمام عينى صورها و نحن على مشارف هذه الذكرى
و قد اقترب اليوم الذى أزعم أنه تغيرت فى مثله حياة الكثير منا
اقترب اليوم و قد حُزنا مكتسبات لا ينكرها إلا جاحد
لكنها فى نفس الوقت لم تكن هى المتوقعة
نعم هناك تقدم لا بأس به
هناك مجلس شعب و لأول مرة فى التاريخ الحديث يمثل الأمة
هناك حرية إلى حد كبير
هناك ظالمون و طغاة فى السجن و من المفترض أنهم يحاكمون
هناك تغيير و إن كان بطيئا
لكن أيضا هناك كذب
و هناك تآمر على كثير من تلك المكتسبات
و هناك تباطؤ يشعر إلى حد بعيد بالتواطؤ
بل هناك تحريف و التفاف على إرادة الشعب الذى قام بالثورة و استفتى على خارطة طريق بعدها
و الأخطر أن هناك تفريغ و تشويه لتلك الثورة و معانيها حتى دفع الناس دفعا ليتساءلوا بلسان حالهم و مقالهم
هل حقا قامت فى مصر ثورة ؟؟؟
وللأسف كانت دوما الإجابة فى قمة التناقض
قامت ثورة و شُوه ثوار بل و حوكم كثير منهم فى محاكم عسكرية لم يذقها من قامت الثورة عليهم
فامت ثورة و لكنها إلى هذه اللحظة لم تتمكن من تطهير كل المؤسسات و استئصال شأفة فساد متغلغل فيها
قامت ثورة و لكنها لم تتمكن إلى الآن من وقف قانون الطوارىء أو المحاكمات الاستثنائية
قامت ثورة و لكنها لم تتمكن من منع قتلى بالمئات و جرحى بالألوف كل جريمتهم أنهم أكملوا ما بدأوه فى تلك الثورة
قامت ثورة لكنها لم تتمكن من القصاص ممن قتلوا أبناءها أو حتى استرداد حقوقهم المنهوبة
قامت ثورة لكنها لم توقف تصدير غاز إلى عدو أو ترفع حصار عن حبيب أو ترد منفيا إلى بلده
إلى آخر تلك المفارقات المتناقضة التى جعلت قطاعا عريضا من الناس حين يسأل هذا السؤال يجيب بكل ثقة و اطمئنان و بلهجة العارف ببواطن الأمور " يا عم ثورة إيه دى كانت هوجة و عدت "
و رغم إحباط الإجابة و رغم رفض من شارك فى الثورة و استشعر قيمتها لتلك الإجابة إلا أن صاحبها بلا شك معذور
فقد تعود من بعد الثورة إلى اليوم أنه لا شىء يتغير أو حق ينتزع إلا بضغط
الفريق أحمد شفيق لم يرحل بحكومته إلا بضغط
مبارك لم يحاكم إلا بضغط
أمن الدولة لم يسقط - إن كان قد سقط فعلا - إلا بضغط
المجالس المحلية لم تحل إلا بضغط
يحيى الجمل و السلمى و وثيقته و حكومة شرف ذات الأيادى المرتعشة كل ذلك لم يذهب إلا بضغط
سقوط عام كامل من حكم العسكر و إعلان تسليم السلطة فى منتصف هذا العام لم يحدث إلا بضغط
ضغط وراء ضغط حتى استشعر المواطن أنه لا شىء تغير
المنطق البسيط يقول أن الثورة تغيير شامل و جذرى و ليس استجداءا للحقوق بهذه الطريقة التى استمرت عاما كاملا
بل تم لىّ الحقائق ليقتنع هذا المواطن أن هذا الضغط هو ما أوقف عجلة الانتاج المزعومة و أن عليه أن يرضى بقليله و أن يترك المطالبة بحقه ليمر الأمر و تعود العجلة المعطوبة للدوران .
و لذلك قد يجد هذا المواطن فى نفسه شيئا من التعجب حينما يسمع دعاوى للاحتفال بهذا اليوم
و هذا التعجب يتفق فيه معه الثوار الذين كانوا أكثر الناس اشتياقا للاحتفال بهذا اليوم
بشرط
أن تكون مهمتهم قد انتهت و أمانتهم قد أديت و أهدافهم قد أنجزت
لكن حينما يعود الثائر ببصره إلى عام قد مضى و يستعرض شريط أحداثه كما أفعل اليوم و تمر عليه صور المحاكمات الهزلية لرموز النظام و قتلة الثوار إلى جوارها صور المحاكمات العسكرية و الاعتقالات و السحل و قنابل الغاز و فقأ العيون و الوعود الكاذبة و المماطلات و الافتراءات و الاستقطابات و حملات التشويه التى تعرض لها
يجد أن المهمة لازالت قائمة و أن أوان الاحتفال لم يأن بعد و يعلم أن الأمانة الملقاة على عاتقه لم تؤدّ بعد
فيبتسم ابتسامة منهكة و تلتمع عيناه ببريق الإصرار و يعقد العزم على مواصلة المشوار الطويل الذى بدأه منذ عام و شعاره فيه السلمية و سيفه الأمل و درعه الصبر و زاده الثقة فى مولاه
هذا الثائر من حقك أن تختلف معه و من حقك أن تنتهج طريقا غير طريقه لكن ليس من حقك أن تسىء الظن به أو أن تشترى بضاعة تشويهه بثمن بخس و تروج لها مع من يروج
هذا الثائر ليس شرطا أن يكون ملحدا أو أناركيا أو مخربا أو فوضويا كما أشاعوا عنه
نعم قد يكون هناك من يحاول أن يندس معه و يحمل بعضا من تلك الصفات
لكن أذكرك أيها القارىء أنه منذ عام مضى كانت هذه هى نفس الألفاظ التى يرمى بها نفس الثائر و كنا نتلقاها حينها بالسخرية من القلة المندسة أصحاب الأجندات الإيرانية و الحمساوية و القطرية التى تريد تخريب مصر من خلال الأصابع الخفية
لا تصدق كل ما تسمع و إن لم ترد النزول فلا بأس لك رأيك و الكل يحترمه لكن اعلم أن من نزل كذلك له رأيه و أهم ما يريده هو مصلحة بلده كما تريدها أنت .
نزل ليعجل بانتخابات رئاسة هى مقتضى التعديلات الدستورية التى استفتيت عليها و استفتى عليها معك 18 مليون مصرى
نزل لكى لا يكتب دستور بلاده تحت إشراف المجلس العسكرى الذي بات من الواضح أنه يريد امتيازات فى ذلك الدستور
نزل ليكمل ما تعود عليه من الضغط الذى أثبت خلال الشهور الماضية أنه وسيلة ناجعة لنيل الحقوق
نزل ليطالب بالقصاص لإخوانه الذين استشهدوا بين يديه أيام الثورة و بعدها و لم يقتص من قاتل واحد من قتلتهم إلى يومنا هذا
نزل ليكمل إسقاط النظام الذى لم يسقط بعد كتفا بكتف و يدا بيد مع البرلمان الذى انتخبه ليشكلا سويا – البرلمان و الميدان – جناحى الثورة
أما من نزل لغير هذه الأهداف فالثائر معك له بالمرصاد و لن يقبل مثلك أى تخريب أو فوضى تلوث سلمية ثورته و سيقف يدا بيد بإذن الله مع إخوانه و إخوانك من الإخوان و السلفيين و الجماعة الإسلامية و غيرها من القوى التى تعهدت بحماية سلمية هذه الثورة التى ميزتها و ستبقى إن شاء الله تميزها
أسأل الله أن يوفقنا جميعا لما يحب و يرضى و أن يرينا الحق حقا و يرزقنا اتباعه و أن يرينا الباطل باطلا و يرزقنا اجتنابه

و كتبه
د.محمد على يوسف
صباح الرابع و العشرين من يناير 2012?

http://photos-b.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-snc7/394022_347815251908897_208614759162281_1309191_199 1411147_s.jpg (http://www.facebook.com/photo.php?fbid=347815251908897&set=a.208634749160282.54543.208614759162281&type=1)