المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سلفى | فكر سياسي سلفي | الأستاذ / رحاب صبري يكتب : الماسبيروقراطية الثورية . ....


S.N.N
01-31-2012, 02:55 AM
?سلفى | فكر سياسي سلفي |
الأستاذ / رحاب صبري يكتب :
الماسبيروقراطية الثورية . . مغالطات حول الثورة -1 " #Salafi



يحلو للبعض أن يصف الثورة نقلاً عن الفيلسوف الفرنسي (إدجار مورين) بالوصف الذي نوجزه
في أن الثورة كالسهم المنطلق من القوس , عند متابعته بعد انطلاقه مباشرة، نجد أنه يصبح غير خاضع لتوجيه من أطلقه ، وقد ينحرف نحو اتجاه مغاير تماماً .

ولكن لا أرى أن هذا التشبيه و إن بدا جميلا من باب البلاغة , يعبر عن الثورة كحالة تلقائية جمعية , و هذا لسببين :
الأول / أن هناك فرق كبير جداً عند أهل الاختصاص بين الانقلابات العسكرية و التي تقوم بها أحزاب سياسية حتى و إن سميت "ثورة" و بين مفهوم الثورة ، التي يشترط فيها أساساً أن تعبر عن إرادة شعبية شبه مجمع عليها بين أفراد و فئات المجتمع.
لكن هذا التشبيه المذكور آنفاً يوحي بشكل ما بوجود يد قائدة أطلقت الثورة ابتداءً , و هو ما لا يتوافق مطلقاً مع تلقائية الثورة , فالثورة في رأيي لا تسمى ثورة إن فقدت عنصر ( تلقائية التحرك الجماعي ) لحظة تفجرها بشكل مفاجئ لاحظ جيداً ( تلقائية التحرك ) و ( أن يكون التحرك شعبياً عاماً ).
أي أننا لو تواعدنا جميعاً و قلنا يا أيها الشعب المصري إننا سوف نقوم بثورة يوم الثلاثاء القادم مثلاً , فهذه لا تحمل لقب الثورة و إنما تحمل لقب تظاهرة , حتى يحدث شبه إجماع أو إجماع شعبي , منذ هذه اللحظة و في هذه الحالة فقط نبدأ في ذكر ( الثورة ) , و من هذا المنطلق فإن من يقوم بالثورة هو الشعب , و ليست فئة أو مجموعة تحتكر لقب الثوار و تزايد على الشعب بأكمله لتحتكر الحديث باسم الثورة .
و لعل هذا الذي يجعل الكثيرين لا يميلون إلى تسمية ( انقلاب يوليو ) باسم الثورة , لأن جموع الشعب تم تحريكها بيد قائدة هبت أولاً , ثم قامت الجموع لتبارك هبتها و تؤيدها فيما بعد .

لذلك فمن الجرائم الإعلامية , الخلط المشين إعلامياً بين ما يسمى " الشباب الذين فجروا ثورة يناير " و بين " لقب الثوار " بحيث يكون هذا اللقب مقصوراً و حصرياً على هؤلاء الشباب , مع تأكيدي على شكر كفاح هؤلاء الشباب للظلم و إعلانهم الرفض له سواءً من كان منهم في المعتقلات و من كان منهم في التظاهرات .
غير أن هؤلاء الشباب أنفسهم لم يكونوا يعلمون أنهم سوف يخرجون في ثورة , إنما كان كل ما هنالك أن تواعدوا على تظاهرة لا أكثر , تظاهرة حدث مثلها العشرات بل ربما المئات , ثم ذهب من ذهب منهم إلى بيته , و بات من بات منهم في المعتقل , و لا يزال كل شئ كما هو تحت الشمس ’ تظاهرات مثل التي قامت يوم 6 أبريل و نشأت عنها لاحقاً حركة 6 ابريل , و لو لم تخرج جموع الشعب ( الثوار ) على الميدان لكان لدينا الآن حركة شبابية جديدة هي حركة 25 يناير .

إلى أن جاءت اللحظة العبقرية الفريدة , التي شاء فيها الله أن تتفجر الثورة , فخرجت فيضانات بشرية إلى الشوارع , بشكل أذهل كل من خرج في التظاهرات السابقة , فثمة أمر جديد يحدث , نعم إنه مشيئة الله التي شاءت أن تتحرك هذه الجموع في تلقائية شديدة , تشبه تلقائية السيل الهادر الذي لا يستطيع أحد أن يخطط له , و لا يستطيع أحد أن يمنعه .

فالأمطار تتجمع في بطون السحب الحبلى , و لكن تبقى اللحظة العبقرية التي تأذن فيها المشيئة الإلهية لها بالهطول , لتنتج السيول , و لا يقف أمام هذه السيول حائل .


السبب الثاني :
أن تصور إدجار مورين يفترض أن أهداف الثورة تكون معدة مسبقاً , قبل انطلاقها , و هو ما لا أستطيع أن اقبله .
و ذلك لأن المتخصصين قسموا مراحل أي ثورة إلى قسمين :
المرحلة الأولى : تكون فيه الحركة هادرة شديدة السيولة و الانسياب الدوامي , حركة تلقائية يكاد التنظيم ألا يكون من أحد مميزاتها بالمرة, و تكون الأهداف في هذه المرحلة شديدة البساطة و الأولية .
و لايكون لهذه المرحلة قائداً بعينه , و إنما محرض و مثير كما يذهب إلى ذلك عالم الاجتماع الأمريكي هربرت بلومر و غيره , و مع بداية ظهور حالة ( الهياج الثوري ) يظهر القائد الذي يكون شخصية واحدة قائدة من نوع المصلح , ينصاع لها الثوار و تكون قادرة على تحريك الججموع الثائرة , و هو الثوب الذي حاول البعض محاولات فاشلة ان يلبسه للدكتور محمد البرادعي , مع التأكيد على أن هذه الجموع الثائرة هي الشعب و ليست مايسمى إعلامياً ( شباب الثورة ) .

و المرحلة الثانية :فيبدأ التنظيم بالظهور كاحد مميزاتها ،و أخذ الأهداف في التبلور بشكل تراكمي , و تظهر القيادة أو الزعامة في الصورة في صورة رجل الدولة ( و في حالتنا تلك استطيع أن أدعي أن الشخصية الاعتبارية الوحيدة المنوطة للقيام بهذا الدور هي مجلس الشعب الذي اختاره الشعب ( بالإجماع الذي لا تتحقق لثورة إلا به ) )

و أختم بأن اقول , إن مرحلة الرومانسية الثورية , لا بد لها أن تنتهي عند مرحلة بدء بناء مؤسسات الدولة الجديدة و إلا اتهمت بأحد امرين بافتراض حسن النية ( فإنها تتهم بأنها أصبحت مراهقة ثورة ) و إن لم نفترض حسن النية , فهناك أطروحات أخرى أرفضها شخصياً لأنني لا أحب لغة التخوين إلا بالدليل القاطع .
و في هذه السلسلة من المقالات إن شاء الله أرصد ظاهرة تفردت بها الثورة المصرية . . آثرت أن أطلق عليها ( الماسبيروقراطية ) للأسباب التي سابينها إن شاء الله لا حقاً . . و انا أراها مرض واضح المعالم له أعراض و أسباب و مناخ تنمو فيه جراثيمه و مناخ تختفي فيه الأعراض تماماً , و لكن كان لا بد من هذه المقالة التمهيدية لما أريد قوله و التأكيد عليه ابتداءً من أنه ليس من حق أي فئة من المشاركين في الثورة الحديث باسم الثورة فضلاَ عن الحديث باسم الشعب , و هذه ليست مجرد وجهة نظر , و إنما العلم و الواقع يقول هذا القول بحسم .?

http://photos-e.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-ash4/424866_352589031431519_208614759162281_1323258_101 0698490_s.jpg (http://www.facebook.com/photo.php?fbid=352589031431519&set=a.208634749160282.54543.208614759162281&type=1)