المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : منفعة المنطق في علم الإسلام


المشتاقة للجنة
02-14-2012, 07:25 PM
http://montada.khaledbelal.net/mwaextraedit4/extra/81.gif


منفعة المنطق في علم الإسلام

- ص 26 - وَأَمَّا - الجزء التاسع - مَنْفَعَتُهُ فِي عِلْمِ الْإِسْلَامِ - المنطق - خُصُوصًا : فَهَذَا أَبْيَنُ مِنْ أَنْ يَحْتَاجَ إلَى بَيَانٍ وَلِهَذَا تَجِدُ الَّذِينَ اتَّصَلَتْ إلَيْهِمْ عُلُومُ الْأَوَائِلِ فَصَاغُوهَا بِالصِّيغَةِ الْعَرَبِيَّةِ بِعُقُولِ الْمُسْلِمِينَ جَاءَ فِيهَا مِنْ الْكَمَالِ وَالتَّحْقِيقِ وَالْإِحَاطَةِ وَالِاخْتِصَارِ مَا لَا يُوجَدُ فِي كَلَامِ الْأَوَائِلِ وَإِنْ كَانَ فِي هَؤُلَاءِ الْمُتَأَخِّرِينَ مَنْ فِيهِ نِفَاقٌ وَضَلَالٌ لَكِنْ عَادَتْ عَلَيْهِمْ فِي الْجُمْلَةِ بَرَكَةُ مَا بُعِثَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ جَوَامِعِ الْكَلِمِ وَمَا أُوتِيَتْهُ أُمَّتُهُ مِنْ الْعِلْمِ وَالْبَيَانِ الَّذِي لَمْ يُشْرِكْهَا فِيهِ أَحَدٌ ، وَأَيْضًا فَإِنَّ صِنَاعَةَ الْمَنْطِقِ وَضَعَهَا مُعَلِّمُهُمْ الْأَوَّلُ : أَرِسْطُو صَاحِبُ التَّعَالِيمِ الَّتِي لِمُبْتَدَعَةِ الصَّابِئَةِ يَزِنُ بِهَا مَا كَانَ هُوَ وَأَمْثَالُهُ يَتَكَلَّمُونَ فِيهِ مِنْ حِكْمَتِهِمْ وَفَلْسَفَتِهِمْ الَّتِي هِيَ غَايَةُ كَمَالِهِمْ . وَهِيَ قِسْمَانِ : نَظَرِيَّةٌ وَعَمَلِيَّةٌ .

فَأَصَحُّ النَّظَرِيَّةِ - وَهِيَ الْمَدْخَلُ إلَى الْحَقِّ - هِيَ الْأُمُورُ الْحِسَابِيَّةُ الرِّيَاضِيَّةُ . وَأَمَّا الْعَمَلِيَّةُ : فَإِصْلَاحُ الْخُلُقِ وَالْمَنْزِلِ وَالْمَدِينَةِ . وَلَا رَيْبَ أَنَّ فِي ذَلِكَ مِنْ نَوْعِ الْعُلُومِ وَالْأَعْمَالِ الَّذِي يَتَمَيَّزُونَ بِهَا عَنْ جُهَّالِ بَنِي آدَمَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ كِتَابٌ مُنَزَّلٌ وَلَا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ مَا يَسْتَحِقُّونَ بِهِ التَّقَدُّمَ عَلَى ذَلِكَ . وَفِيهِ مِنْ مَنْفَعَةِ صَلَاحِ الدُّنْيَا وَعِمَارَتِهَا مَا هُوَ دَاخِلٌ فِي ضِمْنِ مَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ .

وَفِيهَا أَيْضًا مِنْ قَوْلِ الْحَقِّ وَاتِّبَاعِهِ وَالْأَمْرِ بِالْعَدْلِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْفَسَادِ : مَا هُوَ دَاخِلٌ فِي ضِمْنِ مَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ .

- ص 27 - فَهُمْ بِالنِّسْبَةِ إلَى جُهَّالِ الْأُمَمِ كَبَادِيَةِ التُّرْكِ وَنَحْوِهِمْ أَمْثَلُ إذَا خَلَوْا عَنْ ضَلَالِهِمْ فَأَمَّا مَعَ ضَلَالِهِمْ فَقَدْ يَكُونُ الْبَاقُونَ عَلَى الْفِطْرَةِ مِنْ جُهَّالِ بَنِي آدَمَ أَمْثَلَ مِنْهُمْ .

فَأَمَّا أَضَلُّ أَهْلِ الْمِلَلِ - مِثْلُ جُهَّالِ النَّصَارَى وَسَامِرَةِ الْيَهُودِ - فَهُمْ أَعْلَمُ مِنْهُمْ وَأَهْدَى وَأَحْكَمُ وَأَتْبَعُ لِلْحَقِّ . وَهَذَا قَدْ بَسَطْته بَسْطًا كَثِيرًا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ .
وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ هُنَا : بَيَانُ أَنَّ هَذِهِ الصِّنَاعَةَ قَلِيلَةُ الْمَنْفَعَةِ عَظِيمَةُ الْحَشْوِ .

وَذَلِكَ أَنَّ الْأُمُورَ الْعَمَلِيَّةَ الْخِلْقِيَّةَ قَلَّ أَنْ يُنْتَفَعَ فِيهَا بِصِنَاعَةِ الْمَنْطِقِ . إذْ الْقَضَايَا الْكُلِّيَّةُ الْمُوجَبَةُ - وَإِنْ كَانَتْ تُوجَدُ فِي الْأُمُورِ الْعَمَلِيَّةِ - لَكِنَّ أَهْلَ السِّيَاسَةِ لِنُفُوسِهِمْ وَلِأَهْلِهِمْ وَلِمُلْكِهِمْ إنَّمَا يَنَالُونَ تِلْكَ الْآرَاءَ الْكُلِّيَّةَ مِنْ أُمُورٍ لَا يَحْتَاجُونَ فِيهَا إلَى الْمَنْطِقِ وَمَتَى حَصَلَ ذَلِكَ الرَّأْيُ كَانَ الِانْتِفَاعُ بِهِ بِالْعَمَلِ .

ثُمَّ الْأُمُورُ الْعَمَلِيَّةُ لَا تَقِفُ عَلَى رَأْيٍ كُلِّيٍّ بَلْ مَتَى عَلِمَ الْإِنْسَانُ انْتِفَاعَهُ بِعَمَلِ عَمَلِهِ وَأَيُّ عَمَلٍ تَضَرَّرَ بِهِ تَرَكَهُ . وَهَذَا قَدْ يَعْلَمُهُ بِالْحِسِّ الظَّاهِرِ أَوْ الْبَاطِنِ لَا يَقِفُ ذَلِكَ عَلَى رَأْيٍ كُلِّيٍّ .

فَعُلِمَ أَنَّ أَكْثَرَ الْأُمُورِ الْعَمَلِيَّةِ لَا يَصِحُّ اسْتِعْمَالُ الْمَنْطِقِ فِيهَا . وَلِهَذَا كَانَ - ص 28 - الْمُؤَدِّبُونَ لِنُفُوسِهِمْ وَلِأَهْلِهِمْ السَّائِسُونَ لِمُلْكِهِمْ لَا يَزِنُونَ آرَاءَهُمْ بِالصِّنَاعَةِ الْمَنْطِقِيَّةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ شَيْئًا يَسِيرًا وَالْغَالِبُ عَلَى مَنْ يَسْلُكُهُ : التَّوَقُّفُ وَالتَّعْطِيلُ .

وَلَوْ كَانَ أَصْحَابُ هَذِهِ الْآرَاءِ تَقِفُ مَعْرِفَتُهُمْ بِهَا وَاسْتِعْمَالُهُمْ لَهَا عَلَى وَزْنِهَا بِهَذِهِ الصِّنَاعَةِ لَكَانَ تَضَرُّرُهُمْ بِذَلِكَ أَضْعَافَ انْتِفَاعِهِمْ بِهِ مَعَ أَنَّ جَمِيعَ مَا يَأْمُرُونَ بِهِ مِنْ الْعُلُومِ وَالْأَخْلَاقِ وَالْأَعْمَالِ لَا تَكْفِي فِي النَّجَاةِ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ مُحَصِّلًا لِنَعِيمِ الْآخِرَةِ قَالَ تَعَالَى : { http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B2.GIF حَتَّى إذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B1.GIF } كَذَلِكَ قَالَ : { http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B2.GIF أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B1.GIF } - إلَى قَوْلِهِ - { http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B2.GIF الْكَافِرُونَ http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B1.GIF } .

فأخبر هُنَا بِمِثْلِ مَا أَخْبَرَ بِهِ فِي الْأَعْرَافِ : أَنَّ هَؤُلَاءِ الْمُعْرِضِينَ عَمَّا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَ اللَّهِ وَحَّدُوا اللَّهَ وَتَرَكُوا الشِّرْكَ فَلَمْ يَنْفَعْهُمْ ذَلِكَ .
وَكَذَلِكَ أَخْبَرَ عَنْ فِرْعَوْنَ - وَهُوَ كَافِرٌ بِالتَّوْحِيدِ وَبِالرِّسَالَةِ - أَنَّهُ لَمَّا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ : { http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B2.GIF آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إلَهَ إلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B1.GIF } قَالَ اللَّهُ : { http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B2.GIF آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B1.GIF } وَقَالَ تَعَالَى : { http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B2.GIF وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B1.GIF } { http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B2.GIF أَوْ تَقُولُوا إنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B1.GIF } وَقَالَ تَعَالَى : { http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B2.GIF أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إلَّا اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إلَيْهِ مُرِيبٍ http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B1.GIF } { http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B2.GIF قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى قَالُوا إنْ أَنْتُمْ إلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B1.GIF } .

وَهَذَا فِي الْقُرْآنِ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ : يُبَيِّنُ فِيهَا أَنَّ الرُّسُلَ كُلَّهُمْ أُمِرُوا بِالتَّوْحِيدِ بِعِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَنُهُوا عَنْ عِبَادَةِ شَيْءٍ مِنْ الْمَخْلُوقَاتِ سِوَاهُ أَوْ اتِّخَاذِهِ إلَهًا ; وَيُخْبِرُ أَنَّ أَهْلَ السَّعَادَةِ هُمْ أَهْلُ التَّوْحِيدِ وَأَنَّ الْمُشْرِكِينَ هُمْ أَهْلُ الشَّقَاوَةِ . وَذَكَرَ هَذَا عَنْ عَامَّةِ الرُّسُلِ وَيُبَيِّنُ أَنَّ الَّذِينَ لَمْ يُؤْمِنُوا بِالرُّسُلِ مُشْرِكُونَ .

فَعُلِمَ أَنَّ التَّوْحِيدَ وَالْإِيمَانَ بِالرُّسُلِ مُتَلَازِمَانِ . وَكَذَلِكَ الْإِيمَانُ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ هُوَ وَالْإِيمَانُ بِالرُّسُلِ مُتَلَازِمَانِ . فَالثَّلَاثَةُ مُتَلَازِمَةٌ . وَلِهَذَا يَجْمَعُ بَيْنَهَا فِي مِثْلِ قَوْلِهِ : { http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B2.GIF وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B1.GIF } وَلِهَذَا أَخْبَرَ أَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مُشْرِكُونَ فَقَالَ تَعَالَى : { http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B2.GIF وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B1.GIF } .

وَأَخْبَرَ عَنْ جَمِيعِ الْأَشْقِيَاءِ : أَنَّ الرُّسُلَ أَنْذَرَتْهُمْ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ كَمَا قَالَ تَعَالَى : { http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B2.GIF كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B1.GIF } { http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B2.GIF قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إنْ أَنْتُمْ إلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B1.GIF } فَأَخْبَرَ أَنَّ الرُّسُلَ أَنْذَرَتْهُمْ وَأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِالرِّسَالَةِ . وَقَالَ تَعَالَى : { http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B2.GIF وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B1.GIF } الْآيَةُ . فَأَخْبَرَ عَنْ أَهْلِ النَّارِ : أَنَّهُمْ قَدْ جَاءَتْهُمْ الرِّسَالَةُ وَأُنْذِرُوا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ . وَقَالَ تَعَالَى : { http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B2.GIF وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B1.GIF } { http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B2.GIF وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B1.GIFhttp://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B2.GIF يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B1.GIF } - إلَى قَوْلِهِ - { http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B2.GIF وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B1.GIF } الْآيَةُ . فَأَخْبَرَ عَنْ جَمِيعِ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ : أَنَّ الرُّسُلَ بَلَّغَتْهُمْ رِسَالَةَ اللَّهِ وَهِيَ آيَاتُهُ - ص 31 - وَأَنَّهُمْ أَنْذَرُوهُمْ الْيَوْمَ الْآخِرَ وَكَذَلِكَ قَالَ : { http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B2.GIF قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B1.GIF } { http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B2.GIF الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B1.GIF } - إلَى قَوْلِهِ - { http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B2.GIF أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B1.GIF } . فَأَخْبَرَ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآيَاتِهِ وَهِيَ رِسَالَتُهُ وَبِلِقَائِهِ وَهُوَ الْيَوْمُ الْآخِرُ . وَقَدْ أَخْبَرَ أَيْضًا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ بِأَنَّ الرِّسَالَةَ عَمَّتْ بَنِي آدَمَ وَأَنَّ الرُّسُلَ جَاءُوا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ كَمَا قَالَ تَعَالَى : { http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B2.GIF إنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B1.GIF } وَقَالَ تَعَالَى : { http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B2.GIF إنَّا أَوْحَيْنَا إلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B1.GIF } - إلَى قَوْلِهِ - { http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B2.GIF وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B1.GIF } وَقَالَ تَعَالَى : { http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B2.GIF وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B1.GIF } { http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B2.GIF وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا يَمَسُّهُمُ الْعَذَابُ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B1.GIF } . فَأَخْبَرَ أَنَّ مَنْ آمَنَ بِالرُّسُلِ وَأَصْلَحَ مِنْ الْأَوَّلِينَ والآخرين فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ .

وَقَالَ تَعَالَى { http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B2.GIF قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B1.GIF } وَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ : { http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B2.GIF إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B1.GIF } - إلَى قَوْلِهِ - { http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B2.GIF فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B1.GIF } الْآيَةُ .

فَذَكَرَ أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ بِاَللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ مِنْ هَؤُلَاءِ هُمْ أَهْلُ النَّجَاةِ وَالسَّعَادَةِ وَذَكَرَ فِي تِلْكَ الْآيَةِ الْإِيمَانَ بِالرُّسُلِ وَفِي هَذِهِ الْإِيمَانَ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ لِأَنَّهُمَا - ص 32 - مُتَلَازِمَانِ وَكَذَلِكَ الْإِيمَانُ بِالرُّسُلِ كُلُّهُمْ مُتَلَازِمٌ . فَمَنْ آمَنَ بِوَاحِدِ مِنْهُمْ فَقَدْ آمَنَ بِهِمْ كُلِّهِمْ وَمَنْ كَفَرَ بِوَاحِدِ مِنْهُمْ فَقَدْ كَفَرَ بِهِمْ كُلِّهِمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى : { http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B2.GIF إنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B1.GIF } - إلَى قَوْلِهِ - { http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B2.GIF أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B1.GIF } الْآيَةُ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا . فَأَخْبَرَ أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ بِجَمِيعِ الرُّسُلِ هُمْ أَهْلُ السَّعَادَةِ وَأَنَّ الْمُفَرِّقِينَ بَيْنَهُمْ بِالْإِيمَانِ بِبَعْضِهِمْ دُونَ بَعْضٍ هُمْ الْكَافِرُونَ حَقًّا .
وَقَالَ تَعَالَى : { http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B2.GIF وَكُلَّ إنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B1.GIF } { http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B2.GIF اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B1.GIF } { http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B2.GIF مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B1.GIF } .

فَهَذِهِ الْأُصُولُ الثَّلَاثَةُ : تَوْحِيدُ اللَّهِ وَالْإِيمَانُ بِرُسُلِهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ - هِيَ أُمُورٌ مُتَلَازِمَةٌ .
وَالْحَاصِلُ : أَنَّ تَوْحِيدَ اللَّهِ وَالْإِيمَانَ بِرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ هِيَ أُمُورٌ مُتَلَازِمَةٌ مَعَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ .
فَأَهْلُ هَذَا الْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ : هُمْ أَهْلُ السَّعَادَةِ مِنْ الْأَوَّلِينَ والآخرين وَالْخَارِجُونَ عَنْ هَذَا الْإِيمَانِ : مُشْرِكُونَ أَشْقِيَاءُ . فَكُلُّ مَنْ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَلَنْ يَكُونَ إلَّا مُشْرِكًا وَكُلُّ مُشْرِكٍ مُكَذِّبٌ لِلرُّسُلِ وَكُلُّ مُشْرِكٍ وَكَافِرٍ بِالرُّسُلِ فَهُوَ كَافِرٌ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَكُلُّ مَنْ كَفَرَ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ فَهُوَ كَافِرٌ بِالرُّسُلِ وَهُوَ مُشْرِكٌ ; وَلِهَذَا قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى : { http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B2.GIF وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B1.GIF } { http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B2.GIF وَلِتَصْغَى إلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B1.GIF } .

فَأَخْبَرَ أَنَّ جَمِيعَ الْأَنْبِيَاءِ لَهُمْ أَعْدَاءٌ وَهُمْ شَيَاطِينُ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ الْمُزَخْرَفَ وَهُوَ الْمُزَيَّنُ الْمُحَسَّنُ يُغَرِّرُونَ بِهِ . وَالْغُرُورُ : هُوَ التَّلْبِيسُ وَالتَّمْوِيهُ .

وَهَذَا شَأْنُ كُلِّ كَلَامٍ وَكُلِّ عَمَلٍ يُخَالِفُ مَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ مِنْ أَمْرِ الْمُتَفَلْسِفَةِ وَالْمُتَكَلِّمَةِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْأَوَّلِينَ والآخرين ثُمَّ قَالَ : { http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B2.GIF وَلِتَصْغَى إلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B1.GIF } فَأَخْبَرَ أَنَّ كَلَامَ أَعْدَاءِ الرُّسُلِ تَصْغَى إلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ .

فَعُلِمَ أَنَّ مُخَالَفَةَ الرُّسُلِ وَتَرْكَ الْإِيمَانِ بِالْآخِرَةِ مُتَلَازِمَانِ فَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِالْآخِرَةِ أَصْغَى إلَى زُخْرُفِ أَعْدَائِهِمْ فَخَالَفَ الرُّسُلَ كَمَا هُوَ مَوْجُودٌ فِي أَصْنَافِ الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ . وَقَالَ تَعَالَى : { http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B2.GIF وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B1.GIF } { http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B2.GIF هَلْ يَنْظُرُونَ إلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B1.GIF } - الْآيَةُ .
فَأَخْبَرَ أَنَّ الَّذِينَ تَرَكُوا اتِّبَاعَ الْكِتَابِ - وَهُوَ الرِّسَالَةُ - يَقُولُونَ إذَا جَاءَ تَأْوِيلُهُ - وَهُوَ مَا أَخْبَرَ بِهِ - : جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ . وَهَذَا كَقَوْلِهِ : { http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B2.GIF وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B1.GIF } { http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B2.GIF قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B1.GIF } { http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B2.GIF قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B1.GIF } أَخْبَرَ أَنَّ الَّذِينَ تَرَكُوا اتِّبَاعَ آيَاتِهِ يُصِيبُهُمْ مَا ذَكَرْنَا .

فَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ أَصْلَ السَّعَادَةِ وَأَصْلَ النَّجَاةِ مِنْ الْعَذَابِ هُوَ تَوْحِيدُ اللَّهِ بِعِبَادَتِهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَالْإِيمَانِ بِرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ .

وَهَذِهِ الْأُمُورُ لَيْسَتْ فِي حِكْمَتِهِمْ وَفَلْسَفَتِهِمْ الْمُبْتَدَعَةِ لَيْسَ فِيهَا الْأَمْرُ بِعِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ وَالنَّهْيُ عَنْ عِبَادَةِ الْمَخْلُوقَاتِ . بَلْ كُلُّ شِرْكٍ فِي الْعَالَمِ إنَّمَا حَدَثَ بِرَأْيِ جِنْسِهِمْ إذْ بَنَوْهُ عَلَى مَا فِي الْأَرْوَاحِ وَالْأَجْسَامِ مِنْ الْقُوَى وَالطَّبَائِعِ وَإِنَّ صِنَاعَةَ الطَّلَاسِمِ وَالْأَصْنَامِ وَالتَّعَبُّدَ لَهَا يُورِثُ مَنَافِعَ وَيَدْفَعُ مَضَارَّ . فَهُمْ الْآمِرُونَ بِالشِّرْكِ وَالْفَاعِلُونَ لَهُ . وَمَنْ لَمْ يَأْمُرْ بِالشِّرْكِ مِنْهُمْ فَلَمْ يَنْهَ عَنْهُ بَلْ يُقِرُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ وَإِنْ رَجَحَ الْمُوَحِّدُونَ تَرْجِيحًا مَا . فَقَدْ يُرَجِّحُ غَيْرُهُ الْمُشْرِكِينَ .

وَقَدْ يُعْرِضُ عَنْ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا . فَتَدَبَّرْ هَذَا فَإِنَّهُ نَافِعٌ جِدًّا .
وَلِهَذَا كَانَ رُءُوسُهُمْ الْمُتَقَدِّمُونَ والمتأخرون يَأْمُرُونَ بِالشِّرْكِ . فَالْأَوَّلُونَ يُسَمُّونَ الْكَوَاكِبَ الْآلِهَةَ الصُّغْرَى وَيَعْبُدُونَهَا بِأَصْنَافِ الْعِبَادَاتِ . كَذَلِكَ كَانُوا فِي مِلَّةِ الْإِسْلَامِ لَا يَنْهَوْنَ عَنْ الشِّرْكِ وَيُوجِبُونَ التَّوْحِيدَ ; بَلْ يُسَوِّغُونَ الشِّرْكَ أَوْ يَأْمُرُونَ بِهِ أَوْ لَا يُوجِبُونَ التَّوْحِيدَ .
- ص 35 - وَقَدْ رَأَيْت مِنْ مُصَنَّفَاتِهِمْ فِي عِبَادَةِ الْكَوَاكِبِ وَالْمَلَائِكَةِ وَعِبَادَةِ الْأَنْفُسِ الْمُفَارِقَةِ - أَنْفُسِ الْأَنْبِيَاءِ وَغَيْرِهِمْ - مَا هُوَ أَصْلُ الشِّرْكِ .

وَهُمْ إذَا ادَّعَوْا التَّوْحِيدَ فَإِنَّمَا تَوْحِيدُهُمْ بِالْقَوْلِ ; لَا بِالْعِبَادَةِ وَالْعَمَلِ . وَالتَّوْحِيدُ الَّذِي جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ التَّوْحِيدِ بِإِخْلَاصِ الدِّينِ لِلَّهِ . وَعِبَادَتِهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ . وَهَذَا شَيْءٌ لَا يَعْرِفُونَهُ . وَالتَّوْحِيدُ الَّذِي يَدَّعُونَهُ : إنَّمَا هُوَ تَعْطِيلُ حَقَائِقِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ وَفِيهِ مِنْ الْكُفْرِ وَالضَّلَالِ مَا هُوَ مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ الْإِشْرَاكِ .

فَلَوْ كَانُوا مُوَحِّدِينَ بِالْقَوْلِ وَالْكَلَامِ - وَهُوَ أَنْ يَصِفُوا اللَّهَ بِمَا وَصَفَتْهُ بِهِ رُسُلُهُ - لَكَانَ مَعَهُمْ التَّوْحِيدُ دُونَ الْعَمَلِ . وَذَلِكَ لَا يَكْفِي فِي السَّعَادَةِ وَالنَّجَاةِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُعْبَدَ اللَّهُ وَحْدَهُ وَيُتَّخَذَ إلَهًا ; دُونَ مَا سِوَاهُ . وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ : " لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ " فَكَيْفَ وَهُمْ فِي الْقَوْلِ وَالْكَلَامِ مُعَطِّلُونَ جَاحِدُونَ ; لَا مُوَحِّدُونَ وَلَا مُخْلِصُونَ ؟ .

وَأَمَّا الْإِيمَانُ بِالرُّسُلِ : فَلَيْسَ فِيهِ لِلْمُعَلِّمِ الْأَوَّلِ وَذَوِيهِ كَلَامٌ مَعْرُوفٌ . وَاَلَّذِينَ دَخَلُوا فِي الْمِلَلِ مِنْهُمْ آمَنُوا بِبَعْضِ صِفَاتِ الرُّسُلِ وَكَفَرُوا بِبَعْضِ .
وَأَمَّا الْيَوْمُ الْآخِرُ : فَأَحْسَنَهُمْ حَالًا مَنْ يُقِرُّ بِمَعَادِ الْأَرْوَاحِ دُونَ الْأَجْ
سَادِ .
- ص 36 - وَمِنْهُمْ مَنْ يُنْكِرُ الْمَعَادَيْنِ جَمِيعًا . وَمِنْهُمْ مَنْ يُقِرُّ بِمَعَادِ الْأَرْوَاحِ الْعَالِمَةِ دُونَ الْجَاهِلَةِ . وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ لِمُعَلِّمِهِمْ الثَّانِي أَبِي نَصْرٍ الْفَارَابِيِّ . وَلَهُمْ فِيهِ مِنْ الِاضْطِرَابِ مَا يُعْلَمُ بِهِ أَنَّهُمْ لَمْ يَهْتَدُوا فِيهِ [ إلَى ] الصَّوَابِ .
وَقَدْ أَضَلُّوا بِشُبُهَاتِهِمْ مِنْ الْمُنْتَسِبِينَ إلَى الْمِلَلِ مَنْ لَا يُحْصِي عَدَدَهُ إلَّا اللَّهُ .
فَإِذَا كَانَ مَا بِهِ تَحْصُلُ السَّعَادَةُ وَالنَّجَاةُ مِنْ الشَّقَاوَةِ لَيْسَ عِنْدَهُمْ أَصْلًا كَانَ مَا يَأْمُرُونَ بِهِ مِنْ الْأَخْلَاقِ وَالْأَعْمَالِ وَالسِّيَاسَاتِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B2.GIF يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ http://ibntaimiah.al-islam.com/App_Themes/Blue.ar/Images/Tree/MEDIA-B1.GIF } .

موقع الاسلام الدعوي والارشادي