المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سلفى | مقالات | إبراهيم أباظة يكتب ذكريات وجوده داخل المعتقل وقت ثورة يناير 2011...


S.N.N
02-14-2012, 09:00 PM
?سلفى | مقالات | إبراهيم أباظة يكتب ذكريات وجوده داخل المعتقل وقت ثورة يناير 2011....... #SALAFY $

مذكرات المحتجز رقم 49
آخر معتقل يدخل سجن استقبال طرة في عهد المخلوع

الحلقة (1)

(تسعة وأربعين) !!
سمعت صوته الغليظ الكريه ينادي على الرقم الذي أحمله .. ورغم بغضي له ولصوته إلا أن الأمل قد داعب قلبي هامسا : (هانت خلاص) .. فمعنى أنه ينادي على رقمي في هذا الوقت فلابد أنني سأعرض على المحقق .. وقد يجعل الله ذلك سببا لإنهاء معاناتي التي دامت في هذا المكان أسبوعا كاملا !!

سريعا وقفت رافعا يديّ الاثنين .. إذ من المستحيل أن ترفع يدًا واحدة مع وجود هذه الكلابشات الحديدية في يديك !! سأل بغلظة : (إنت تسعة واربعين)؟؟ فأشرت برأسي موافقا .. فخروج كلمة (نعم) من فمي قد تؤدي إلى ضربي أو صعقي بالكهرباء أو إهانتي على أقل تقدير .. هكذا هي التعليمات !!

أحسست بالعربجي يقترب مني .. شعرت براحة لأنني لا أراه بسبب الغمامة التي على عيني .. كم أبغض هذا الكائن ؟! كتلة من الحمق والكره والظلم والبطش تتحرك كالآلة بلا بقايا قلب بشري !! يتفنن في إيذاء المحتجزين وإهانتهم بلا أي سبب سوى شعوره بالملل !! يدعونه (محمد) أحيانا وفي أكثر الأحيان (رمضان) .. ولكنني اكتشفت بعد ترحيلي إلى المعتقل أن الإخوة يسمونه (العربجي) لقسوته .. وأعتقد أن التوفيق جانبهم في ذلك .. فهذا أحن على بغلته أو حماره من ذاك علينا !!

سحبني اللعين من ياقة سترتي الجلدية السوداء طالبا مني بخشونة أن أتخطى زملائي الراقدين في نفس الممر الضيق الرطب .. تجاوزتهم بصعوبة مع تشجيعه إياي ببعض السباب السوقي الوقح لأصل إلى نهاية الممر تمهيدا لعرضي على ضابط التحقيقات .. ربت على كتفي بعنف ودخان سيجارته تلفح حرارته وجهي وقال : (استلقى بأة وعدك .. الباشا مستحلفلك) !!

أسقط في يدي .. وتصارعت المشاهد في مخيلتي .. سيد بلال .. مكالمة زوجتي .. القبض عليّ .. المديرية القديمة .. سيارة الترحيل .. حفلة الاستقبال .. 49 .. الممر الرطب .. التفتيش .. صراخ المعذبين .. صوت الصاعق الكهربائي .. مر شريط سريع من الذكريات على عقلي .. وإذا بالعربجي يشد عقدة غمامتي بقسوة كادت تفتك برأسي .. وكدت أتأوه من شدة الألم الذي تسبب فيه هذا اللعين إلا أن علمي بسوء عاقبة ذلك أمسك لساني ..

ازدادت كمية العرق على جبهتي .. وأحاط الدوار برأسي .. ودوى صوت صفير في أذني .. وجف حلقي .. وأمسكني العربجي بشدة من الكلابشات ساحبا إياي إلى غرفة التحقيق .. أخذت أردد بعض الأدعية والأذكار ونطقت الشهادتين .. وفجأة توقف العربجي وتكلم مع أحد زملائه بكلام لم أسمعه .. ثم جذبني إلى اتجاه آخر وقال لي بصوته الأجش : (استنى هنا) !! وتركني واقفا ومضى !!

:: يتبع إن كان في العمر بقية وشاء رب البرية ::?

http://photos-g.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-ash4/404887_363802473643508_208614759162281_1350465_687 195179_s.jpg (http://www.facebook.com/photo.php?fbid=363802473643508&set=a.208634749160282.54543.208614759162281&type=1)