المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل أُغلق باب الاجتهاد؟


سمير السكندرى
10-15-2009, 06:10 PM
هل أُغلق باب الاجتهاد؟
هل ما زال باب الاجتهاد مفتوحاً ؟


الجواب :
الحمد لله
وأما الاجتهاد عند علماء الفقه ، أو الأصول : فقد عرَّفوه بتعاريف متقاربة في ألفاظها ، ومعانيها ، وكلها تدور حول بذل الجَهد ، والطاقة لمعرفة الحكم الشرعي من دليله .

وأدق ما قيل في تعريفه : "إن الاجتهاد هو : بذل الطاقة من الفقيه في تحصيل حكم شرعي ظنِّي" انتهى .
ولم تزل الأمة تمر عليها النوازل ، ويحتاج المسلمون إلى معرفة حكم الله تعالى فيها ، ولا يتم ذلك إلا بالاجتهاد في النظر في الأدلة الشرعية لمعرفة الحكم الشرعي لها .
وقد اجتهد الصحابة رضي الله عنهم في معرفة الأحكام الشرعية ، واجتهد التابعون ومن بعدهم العلماء ونُقلت إلينا اجتهاداتهم .
وفي أوائل القرن السادس ظهرت الدعوة إلى غلق باب الاجتهاد ، وكان من أسباب ذلك : التعصب الذي وُجد في تلك العصور لمذاهب الأئمة ، حتى قال البعض بالمنع من الخروج عن أقوال الأئمة المدونة في كتبهم وكتب أتباعهم ، فأطلقوا تلك الدعوى (غلق باب الاجتهاد) حتى يقطعوا الطريق أمام من يجتهد في فهم النصوص ويستنبط أحكاماً تخالف ما قاله الأئمة السابقون .
ومما لا شك فيه أن هذه الدعوى غير صحيحة ، فهناك الكثير والكثير من المسائل المستجدات يحتاج الناس إلى بيان حكم الله تعالى فيها ، ولم يتكلم فيها الأئمة السابقون ، لأنها لم تكن موجودة في زمنهم .
فالقول بإغلاق باب الاجتهاد يعني أن يبقى المسلمون لا يعلمون حكم الله في وقائع كثيرة ومسائل كثيرة .
ثم القائل بغلق باب الاجتهاد إنما قال هذا القول اجتهاداً منه ، لم يقل به الأئمة السابقون ، فكيف يسمح لنفسه بالاجتهاد ويجعل هذا آخر اجتهاد يُقبل من المسلمين ، ويعلن إغلاق الباب بعد اجتهاده هذا ؟!
وقد ذهب آخرون إلى هذه الدعوة "غلق باب الاجتهاد" لما رأوه من جراءة البعض على الأحكام الشرعية ، وصاروا يتلاعبون بالنصوص والأحكام بدعوى الاجتهاد .
ولكن الموقف الصحيح تجاه هؤلاء : أن يُبين خطؤهم وتلاعبهم ، ويُكشف تزويرهم وكذبهم ، لا أن يُغلق باب الاجتهاد .
وقد وضع العلماء شروطاً وضوابط للاجتهاد حتى يكون مقبولاً ، وهذه الشروط تضمن له ألا يتحول الاجتهاد إلى التلاعب بالنصوص ، فليست المسألة فوضى ، يقول مَنْ شاء ما شاء ، بل هناك شروط للاجتهاد ، يجب على المجتهد التقييد بها ، وإلا كان اجتهاده نوعاً من التلاعب والعبث .
جاء في " الموسوعة الفقهية " ( 1 / 42 ، 43 ) :
والذين أفتوا بإقفال باب الاجتهاد إنما نزعوا عن خوفٍ من أن يدَّعي الاجتهاد أمثال هؤلاء ، وأن يفتري على الله الكذب ، فيقولون هذا حلال وهذا حرام ، من غير دليل ولا برهان ، وإنما يقولون ذلك إرضاء للحكام ، ولقد رأينا بعض من يدَّعي الاجتهاد يتوهم أن القول بكذا وكذا فيه ترضية لهؤلاء السادة ، فيسبقونهم بالقول ، ويعتمد هؤلاء الحكام على آراء هؤلاء المدعين ، فقد رأينا في عصرنا هذا من أفتى بحل الربا الاستغلالي دون الاستهلاكي ، بل منهم من قال بحله مطلقاً ؛ لأن المصلحة - في زعمه - توجب الأخذ به ، ومنهم مَن أفتى بجواز الإجهاض ابتغاء تحديد النسل ، لأن بعض الحكام يرى هذا الرأي ، ويسميه " تنظيم الأسرة " ، ومنهم من يرى أن إقامة الحدود لا تثبت إلا على من اعتاد الجريمة الموجبة للحدِّ ، ومنهم … ومنهم … فأمثال هؤلاء هم الذين حملوا أهل الورع من العلماء على القول بإقفال باب الاجتهاد .

ولكنا نقول : إن القول بحرمة الاجتهاد وإقفال بابه جملة وتفصيلاً لا يتفق مع الشريعة نصّاً وروحاً ، وإنما القولة الصحيحة هي إباحته ، بل وجوبه على من توفرت فيه شروطه ؛ لأن الأمَّة في حاجة إلى معرفة الأحكام الشرعية فيما جدَّ من أحداث لم تقع في العصور القديمة" انتهى .
وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
هل يعتبر باب الاجتهاد في الأحكام الإسلامية مفتوحاً لكل إنسان ، أو أن هناك شروطاً لا بد أن تتوفر في المجتهد ؟ وهل يجوز لأي إنسان أن يفتي برأيه ، دون معرفته بالدليل الواضح ؟ فأجابوا :
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .

وذكر الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله في كتابه "الأصول من علم الأصول" شروط الاجتهاد ، فقال : "للاجتهاد شروط منها :
1- أن يعلم من الأدلة الشرعية ما يحتاج إليه في اجتهاده كآيات الأحكام وأحاديثها .
2- أن يعرف ما يتعلق بصحة الحديث وضعفه ، كمعرفة الإسناد ورجاله ، وغير ذلك .
3- أن يعرف الناسخ والمنسوخ ومواقع الإجماع حتى لا يحكم بمنسوخ أو مخالف للإجماع .
4- أن يعرف من الأدلة ما يختلف به الحكم من تخصيص ، أو تقييد ، أو نحوه حتى لا يحكم بما يخالف ذلك .
5- أن يعرف من اللغة وأصول الفقه ما يتعلق بدلالات الألفاظ ، كالعام والخاص والمطلق والمقيد والمجمل والمبين ، ونحو ذلك ؛ ليحكم بما تقتضيه تلك الدلالات .
6- أن يكون عنده قدرة يتمكن بها من استنباط الأحكام من أدلتها" انتهى .
وبهذه الشروط يكون الاجتهاد منضبطاً ، بعيداً عن التلاعب والهوى .

والله أعلم .

ايمن المسلم
10-17-2009, 08:11 AM
بارك الله فيك

سمير السكندرى
10-21-2009, 06:05 PM
احسن الله اليك يا غالى