المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : #سلفى | مقالات | دكتور محمد على يوسف يكتب .. ثورة من عجوة #salafy #tمن الأخبا...


S.N.N
04-09-2012, 06:24 PM
?#سلفى | مقالات | دكتور محمد على يوسف يكتب .. ثورة من عجوة #SALAFY #T

من الأخبار التى كثر ذكرها فى كتب السير وأخبار الأولين ما روى عن أهل الجاهلية أنهم كانوا أحيانا لشدة تعظيمهم لآلهتهم يصنعون لها أصناما من العجوة يعبدونها نهارا حتى إذا قرص الجوع أمعاءهم ليلا صبّروا أنفسهم ببضعة قضمات من تلكم الآلهة اللذيذة التى كانوا منذ برهة يعظمونها، إلا أن تعظيمهم لها لم يواز تعظيمهم لشهواتهم وأهوائهم ولم يقف حائلا بينهم وبين التهامها عندما جاعوا.
من هنا تعود الأدباء والكتاب على استعمال هذا التشبيه كلما أرادوا أن يعبروا عن حال أصحاب مبدأ اللامبدأ، أولئك الذين يبيعون قيمهم وأصولهم عند المحكات وعند أول تقاطع لتلك المبادئ مع مصالحهم وأهوائهم.
والحقيقة أن هذا الصنف قد كثر جدا فى الآونة الأخيرة وطفا على مشهد الساحة السياسية وصارت رائحته البشعة تزكم الأنوف وتملأ النفس بالتقزز، فبعد أن أكل هؤلاء صنم الديموقراطية مرارا باستهزائهم بإرادة الشعب وتسفيهه مرة تلو الأخرى وإهاناتهم المتكررة له بوصفه تارة بالجاهل وتارة أخرى بالمغيب قليل الوعى وتارة بأنه شعب مرتش تحركه زجاجة زيت وكيلو من السكر حتى ارتفعت "حرارة" أحدهم ووصل به الاستخفاف بإرادة الشعب لدرجة جعلته يطالب الأغلبية المنتخبة أن ترحل وتبحث لنفسها عن بلد آخر.. تحول بعد ذلك أولئك اللامبدئيون إلى صنم آخر طالما تشدقوا بالتسبيح له والتهليل ليلا ونهارا على مكلمات " التوك شو " ومصاطب المنتديات التى يسمونها ثقافها،
لقد تحولوا إلى عجوة الدولة المدنية التى ما انفكوا ينكرون أنها ليست ضد الدين إنما هى ضد عسكرة الدولة وسيطرة الجنرالات عليها.
وصدقهم البعض واغتروا بهتافهم "يسقط يسقط حكم العسكر" الذى أكثروا من ترديده فى وقت أن كانت مصلحتهم تقتضى ترديده ثم ما لبثوا أن توقفوا تماما عن ترديده لما جاعوا ووجدوا أن عليهم أن يلتهموا هذا الصنم العجوى الذى طالما عظموه من قبل.
ويا ليتهم التهموه فى هدوء وصمتوا عن هتافهم ببقايا من حياء يدارون به خيبتهم تخاذلهم بل إنهم أصروا أن ينهشوه فى حفل جماعى تجلى فى رسالة مئوية وقع عليها أكثر مائة من مناضلى الدولة المدنية وقدمها متزلفا أحد كبار عرابيها إلى سيده العسكرى متوسلا مترجيا إياه أن يقود انقلابا على الإسلاميين وأن يمسك بتلابيب الدولة بقبضته العسكرية المتينة لينقذ هؤلاء المدنيين المساكين من أغلبية الإسلاميين التى انتخبها الشعب الذى لا يعرف مصلحته.
ليس هذا فحسب، بل يأتى مرشح حزب التحالف الشعبى لرئاسة الجمهورية ليطالب فى أحد مكلمات "التوك شو" الليلية الشهيرة بحل البرلمان المزيف – الذى هو بالمناسبة أحد أعضائه – فتتلقف منه مقدمة البرنامج البارعة الكرة لتحرز هدفا فى شباك المدنية المسكينة قائلة: إذن فوفق هذا السيناريو فإن الحل الوحيد هو تطبيق الأحكام العرفية.
نعم، هكذا بكل صراحة و وضوح يمارس آكلو العجوة المبدأ الشمشونى المريع ويرددون كلمة قدوتهم "على وعلى أعدائى" ولا يجدون مانعا أخلاقيا أو مبدئيا يحول بينهم وبين هدم المعبد على رؤوس الجميع ما داموا لم يأخذوا نصيبهم مما يظنونه كعكة وليس وطنا لا يتلاعب بمصيره بهذه الطريقة.
لقد كثرت انتهاكات تلك النخبة غير المنتخبة لمعايير المدنية التى بحت أصواتهم من قبل فى تأصيلها فما بين ليبرالى مطالب بمد الفترة الانتقالية عدة سنوات يحكمنا فيها العسكر حتى يستعد بحزبه الكسيح لخوض الانتخابات وما بين وفدى يضع وثيقة قام الملايين لرفضها بعد ما رأوا فيها من صلاحيات أتاتوركية وضعها المناضل الوفدى للمجلس العسكرى انتهاء بما كتبه الكاتب اليسارى الأشهر مستعديا به المجلس العسكرى بكل وقاحة على الإسلاميين الذين يبدو أن خلافه الأيديولوجى معهم أنساه أنهم فى النهاية مدنيون مثله وليسوا جنرالات كالذين يستعديهم عليهم .
كثرت انتهاكاتهم لتلك المدنية واستغاثاتهم بالعسكرية حتى ظننتهم سيسارعون إلى العباسية لاحقين بالطائفة العكاشية ومرددين "يسقط يسقط حكم المدنى"، و"عسكرية عسكرية مصر دولة عسكرية".
وأخيرا ولا أظنه يكون آخرا التفت اللامبدئيون إلى الثورة وظنوها هى الأخرى صنم عجوة وهموا بالتهامه حين تناسوا أهم شعاراتها وهتافاتها التى سالت الدماء الطاهرة دفاعا عنها وعلى طريق تحقيقها.. لقد تناسى هؤلاء أن هذه الثورة إنما قامت فى وجه نظام ظالم بغيض وكانت كلمة حق يصدع بها فى وجه سلطان جائر. .تناسوا دماء الشهداء التى طالما تاجروا بها والتى مات أصحابها وهم يرددون الشعب يريد إسقاط النظام (وليس الشعب يريد إسقاط رأس النظام).
تناسوا ذلك وهم يتواتر عنهم تباعا رضا برجالات النظام القديم وأساطينه .
رضا يظهر على لسان حالهم ومقالهم تصريحا تارة وتلميحا تارة أخرى، وقد أطل هذا الرضا بوجهه القبيح منذ أعلن رسميا ترشح نائب المخلوع! حينئذ وجدت نفسى أصرخ وأنا أتابع ردة الفعل لترشحه قائلا: أين أنت يا حمرة الخجل؟
وجدت نفسى أتذكر كلمة المخرج الذى يفترض أنه ثورى مناضل حين زعم أن شباب الثورة سيضطرون إلى انتخاب أحد فلول النظام السابق إذا كان البديل أن ينجح المرشح الإسلامى المعروف بثوريته ونضاله.. وبغض النظر عن الأسباب التى ساقها المخرج والتى لا يمكن أن يقتنع بها أى ثورى شريف بذل وضحى واختلطت دماؤه بدماء رفاقه الذين حملهم فى الميدان بينما يلفظون أنفاسهم الأخيرة.. فإن ما قاله نمط تفكير صار ظاهرا جليا بعد أن ترشح نائب المخلوع ومدير استخباراته.
ظاهرا جليا فى موجة تلميع إعلامية فجة أول من تولى كبرها رجل انخدع به للأسف كثير من الإسلاميين وصفقوا له فى البرلمان و دافعوا عنه بسذاجة منقطعة النظير متناسين تاريخه المستأنس ولحم أكتافه الذى نبت من فتات موائد رجالات النظام السابق وها هو يعود اليوم ليمارس دوره القديم بعد أن مل من ارتداء القناع الثورى ومد يده ليأكل من ثورة العجوة.
ظهر جليا فى ترحاب المناضل الشيوعى الأسبق والذى يعتلى سدة أحد أشهر الأحزاب اليسارية والذى لم يستطع أن يخفى فرحه بترشح الجنرال سليمان وعاد ليمارس دوره القديم فى التطبيل لرجالات النظام.
أما المفكر الليبرالى و الرمز الحداثى الشهير الذى دعا صراحة الشعب المصرى لانتخاب نائب المخلوع فهذا حكايته حكاية و لا أجد من الألفاظ ما أصف به ليبراليته العسكرية العجيبة التى ظهرت فى دعواه الجريئة .
هذا بخلاف الكاتب وطبيب الأسنان الثائر الذى يوزع صكوك الثورة على من يشاء حتى على أشد معارضيها من مؤيدى المخلوع وأصدقائه.. أما المفاجأة الكبرى فكانت فى الكاتب ورئيس التحرير المخضرم الذى قرر خلع عباءة النضال بعد أن أصابته بالحر الشديد فى تلك الموجة القائظة التى تمر بها بلادنا وارتدى بدلا منها قميصا شفافا لم يستطع إخفاء حقده الذى دفعه ليكتب مثبطا الثوار والوطنيين عن مواجهة نائب المخلوع ويدعوهم إلى ترك هذه المعركة الثورية الشريفة زاعما أنها معركة الإخوان وأن مدير المخابرات الأسبق خطر على الإخوان وحدهم لا على غيرهم.
كما لم يفته أن يضع فلوليا آخر بين الأسماء التى ينبغى فى رأيه على الشرفاء التفرغ لدعمهم بصفتهم مرشحى القوى المدنية المزعومة بدلا من انفاق الجهد والوقت فى معركة ليست معركتهم.
والحقيقة أن المفاجأة ليست بسبب عدم توقع مثل ذلك منه وممن هم على شاكلته وإنما سببها الاندهاش من السرعة والصراحة التى تخلوا بها عن مبادئهم وقرروا الكشف عن خبث طويتهم وكنت أظنهم أكثر ذكاء من هذا لكن يبدو أن ظنى كان فى غير محله.
كل ما ذكرته وغيره قليل من كثير وغيض من فيض، مما يفعله اللامبدئيون من آكلى العجوة ولاعقى البيادات الذين اختاروا مصلحتهم الظنية على مصلحة الوطن اليقينية وقرروا خلع ورقة التوت التى تبقت لهم بعد عام من التعرى السياسى الذى كشف سوءاتهم وذكرنى بكلمة كتبها عن أمثالهم المفكر الكبير محمد جلال كشك رحمه الله قائلا فيها: "إن من أخطر نتائج الحروب الصليبية تراجع طبقة المثقفين والتجار وتولي العسكر مقاليد الأمور في العالم الإسلامي تحت مبرر أولوية الدفاع عن الوجود، ولو على حساب الحضارة والتمدين أو التقدم. وهكذا تجمد المجتمع، وتحول المثقف من دور المفكر المحاور المطور للمجتمع، إلى نديم أو فقيه السلطان الذي يبرر ويحلل وينظر لحكم العسكر ثم حِكمَتهم".
لكننى أصر فى نهاية المقال أن أقر أن هؤلاء اللامبدئيين مهما علا صوتهم وازدادت وقاحتهم لا يمثلون إلا أنفسهم وأن الشرفاء لا يزالون موجودين لا يرضيهم أن تهان ثورتهم بهذا النحو وأنْ تعامل على أنها مجرد صنم عجوة وأن من قاموا ليجهروا بكلمة الحق ويصدعوا بها فى وجه السلطان الجائر لن يقعدوا حتى يتموا ما قاموا من أجله وأنهم لن يبيعوا أبدا مبادئهم لخلاف فكرى أو أيديولوجى.
لايزال الأمل فى صدرى أن يعلوا الثوار الحقيقيون على تلك الدعوات الرخيصة وأن يضربوا بها عرض الحائط وأن نعود جميعا للحالة التى كنا عليها منذ عام مضى ونحن نهتف قائلين " إيد واحدة"، معرضين بذلك المبدأ عن دعاوى النذالة والوضاعة التى تبتغى تمزيق صفنا وجعل بأسنا بيننا
لا يزال ذلك الأمل أن نفهم أن ثورتنا ليست من عجوة وأن ثوارنا ليسوا آكليها بل هى ثورة قدت من صخر صلد صنعها الله بفضله ومنه ولن نضيعها نحن إن شاء الله وليبحث آكلو العجوة عن صنم آخر ليلتهموه.

بقلم
دكتور محمد على يوسف?

http://photos-h.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-ash3/549027_401512086539213_208614759162281_1465544_110 7206218_s.jpg (http://www.facebook.com/photo.php?fbid=401512086539213&set=a.208634749160282.54543.208614759162281&type=1)