المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فيفرح بها ويحمد الله أن جعله مريضاً في الدنيا، ثم ينظر الرجل إلى أعلى فيجد درجة في الجنة أفضل وأعظم مما هو عليه فيتمنى ف


امل محمد مرسي
02-22-2011, 01:16 PM
لأنَّ كلّ خليّة في جسمكِ تسبّح الله، وكلّ قطرة من دمكِ توحّده،ولأنكِ تدركين بأنّ حياتكِ من دونهِ هباء..ما أحوجكِ إلاَّ لتسأليه، وما أمرضكِ إلا لترجيه، وما آلمكِ إلاَّ لتنطرحي على أعتابه فتدعيه، ويجيبكِ العظيم، ويعطيكِ الكريم، ويشفيكِ ويسعدكِ ويصلح كلّ أمرٍ لديكِ.

لِمَ زهد خلقٌ كثير من الناس بالدعاء؟! أتراه يأسٌ أسود تسلّل إلى قلوبهم، أم قنوطٌ من رحمته والعياذ بالله!

فكلّ لمحة طَرَفٍ بيديه، وكلّ نفس، وكلّ خفقة قلب تشهد أنه الإله الواحد المعبود المتصرّف في مُلكه.. فما بالُ الأيدي كلّت من أن ترفع داعية؟ وما بال العيون تحجّر في داخلها الدمع، وما بال القلوب قاسية؟

كيف وقد أكّد لنا تعالى بأنه المجيب لمن دعاه حين قال: ( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم)، وحين قال: ( أمّن يجيب المضطرّ إذا دعاه ويكشف السّوء)كلّها دعوات إلهيّة موجّهة للإنسان تحثّه على الطّلب من الله..

وغريبٌ أمر الإنسان، يلهث خلف البشر، ويطرقُ أبوابهم، ويتذلّل يسألهم حاجته، يتألّم قلبه وهو يمدّ يديه، وبخجل يطلبُ حاجته!أما عَلِم بأنّ هؤلاء الذين يسألهم مجرّد عبيدٍ عند خالقهم، إن شاء أعطاهم، وإن شاء منع.وإن شاء ألّف قلوبهم، وأودع الرّحمة فيها ليبادروا بالعطاء دون سؤال!

اقرأي هذه القصّة لتعرفي بعض أسرار الدعاء:

جاء رجل إلى الحسن البصريّ وطلب منه أن يَدْعُوَ له بالشفاء فقد مرِض هذا الرجل منذ سنوات ولم يُشفَ من مرضه، وقد وعده الحسن البصريّ أن يدعو له، وبالفعل لم يتوقّف الحسن البصريّ عن الدعاء لهذا الرجل لفترة طويلة ولكنّ الرجل لم يُشف من مرضه، واستمر الحسن البصريّ في الدعاء لأيّام وشهور كثيرة ولكنّ الرجل لم يُشف من مرضه، وتوقّف الحسن البصريّ عن الدعاء بعد وقت طويل.
وبعد شهور عديدة جاءه الرجل وقال له إن الله قد منّ عليه بالشفاء، وبعد فترةٍ وجيزةٍ لم يَرَ الحسن البصريّ هذا الرجل فسأل عنه فعرف أنه قد مات وهنا بدأ الحسن البصريّ يفكّر لماذا لم يستجيب الله لدعائه بشفاء هذا الرجل، ولماذا قد شُفي الرجل قبل موته، ولماذا قد مات بعد شفائه ولم يَمُتْ أثناء مرضه.

ونام الحسن البصريّ وهو يفكّر في تلك التساؤلات ولا يجد لها إجابة، وإذا به يرى في منامه أن هذا الرجل يدخل الجنّة و هناك صوت يقول له "ارتق في الجنّة بعدد أيام مرضك " و إذا بالرجل يرتقي و يعلو درجات في الجنّة بعدد أيام مرضه حتى يصل إلى مكانةٍ عاليةٍ فيفرح بها ويحمد الله أن جعله مريضاً في الدنيا، ثم ينظر الرجل إلى أعلى فيجد درجة في الجنة أفضل وأعظم مما هو عليه فيتمنى في نفسه أن يرتقيَ إلى تلك المنزلة الأعلى، فيسمع صوتاً يناديه " لقد أنزلناك في الجنّة على قدر صلاحك في الدنيا، ولو كنت أصلح مما أنت عليه لأدمنا عليك مرضك حتى موتك ولأوصلناك إلى تلك المنزلة الأعلى. نعم إنه على قدر الصلاح يكون البلاء، وعلى قدر الصبر على البلاء يكون الجزاء، قال تعالى : {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ}

فقراء نحن دون إيمانٍ، أذلاَّء حين لا نعتزٌّ بالله، ضعفاءُ ونحنُ لا نوقن بقوّته!ألا ما أعظمَ هذا الخالق وهو يدعونا لقربه، وما أروع هذا الدّين الذي ينادينا لأن نطلب مباشرة من خالقنا أغلى أمنياتنا، وأروع أحلامنا فتتحققّ دون وسيطٍ.

قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم: ( إنَّ ربكم حييٌّ كريمٌ يستحي من عبده أن يرفع إليه يديه فيردّهما صفراً) صحيح