المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : #سلفى | #مصر | #مقالات #salafy #tد.محمد المهدى يكتب .. عنصرية النخبة.. كان...


S.N.N
07-04-2012, 12:23 PM
?#سلفى | #مصر | #مقالات #SALAFY #T
د.محمد المهدى يكتب .. عنصرية النخبة..

كان ضابط أمن الدولة يحقق معى منذ أكثر من عشر سنوات ومن وقت إلى آخر يقطع التحقيق ليسبّ حسن البنا بألفاظ قبيحة وخارجة عن الأدب ويفعل نفس الشىء بالنسبة إلى الإخوان المسلمين (وقتها عرفت كم يشكل الإخوان من تهديد للنظام الفاسد) ولم يكن ذلك مفاجأة لى فقد كنت أعلم أنهم يعدون أمثاله بعمليات تدريب منهجية يخرج بعدها مبرمجا (بشكل عنصرى) على كراهية وازدراء الإخوان حتى يتمكن من قمعهم وإهانتهم وإذلالهم وتعذيبهم وتتبعهم وتشويههم. كان هذا مفهوما فى سياقه وممن يقوم به، ولكن الغريب أن تقرأ وتسمع لكثيرين من الكتاب والإعلاميين المحسوبين على التيار اليسارى أو العلمانى أو الليبرالى نفس الكلام وبنفس لغة ضابط أمن الدولة فى أحاديثهم الخاصة، وقريب منه مع تعديلات بسيطة فى كتاباتهم وتصريحاتهم فى ما يخص التيار الإسلامى عموما والإخوان المسلمين على وجه الخصوص. ولا أنسى كاتبة يسارية فى برنامج حوارى وهى تتحدث عن الإسلاميين الذين فازوا فى الانتخابات البرلمانية والرئاسية بكل قرف واشمئزاز وتَقزُّز.

قد يقول قائل: إن التيار الإسلامى له أخطاء فكرية ومنهجية تستحق النقد والهجوم والمعارضة خصوصا حين يصل إلى مقاعد البرلمان وكرسى الرئاسة. ولسنا ننكر وجود مثل هذه الأخطاء فى التيار الإسلامى السياسى وفى غيره من التيارات (وقد انتقدناهم فى حينها) فالجميع فى النهاية بشر لا ملائكة وحق النقد والمعارضة مكفول، وهو يؤدى (أو يجب أن يؤدى) إلى نضج النظام السياسى ونضج المجتمع ككل، وقد كان لهذا النقد دور مهم فى تأهيل التيار السلفى بعد الثورة ووصوله إلى درجة معقولة من النضج السياسى فى فترة وجيزة، وأدى أيضا هذا النقد إلى حدوث مراجعات داخل الإخوان لكثير من القرارات التى كانت محل نقد وهجوم فى الفترة الانتقالية.

إذن فلا خلاف على أخطاء التيار الإسلامى ولا خلاف على وجوب النقد والمعارضة، ولكن الخطورة تكمن فى ظهور توجهات عنصرية لدى عدد كبير من النخبة السياسية والإعلامية تشكل فى مجملها ازدراءً للمنتمين إلى التيار الإسلامى وتحقيرا وتسفيهًا لهم وسخرية لاذعة منهم وحطًّا من شأنهم وهمزهم ولمزهم على صفحات الجرائد وشاشات الفضائيات.

وقد قام بهذا فريقان من السياسيين والإعلاميين: الفريق الأول معروف بصلاته الوثيقة بالجهات الأمنية وبأجهزة الدولة العميقة وبعمله لخدمة توجهاتها قبل وبعد الثورة، ولهذا فليس مستغربا منه أن يحقق أهداف تلك الأجهزة التى كانت تتلخص فى تفريغ الثورة من مضمونها وتشويه كل القوى الثورية بما فيها الإخوان المسلمون، وربما يكون التركيز على الإخوان بشكل خاص، لكونهم جماعة منظمة تنظيما محكما ولهم قدرة هائلة على الحشد والتأثير فى الشارع المصرى. أما الفريق الثانى الذى تورط فى هذا الأمر (شيطنة التيار الإسلامى والإخوان على وجه الخصوص) فيتكون للأسف من شخصيات وطنية وثورية، وليس لهم صلة بخطط أجهزة الدولة العميقة. إذن لماذا تورط هذا الفريق فى تشويه الإخوان إلى هذه الدرجة التى كادت تؤدى إلى فوز أحمد شفيق فى الجولة الثانية لانتخابات الرئاسة وإلى عودة الأمور إلى الوراء وإجهاض الثورة التى تعبوا فيها وكانوا من مفجريها ومن أسباب نجاحها؟ ربما يرجع السبب إلى حساسيتهم الشخصية تجاه المتدينين بوجه عام وتجاه تيار الإسلام السياسى والإخوان المسلمين بوجه خاص، مما جعلهم يضخّمون أخطاءهم ويُسقِطون عليهم كل النتائج السلبية والعثرات التى حدثت فى المرحلة الانتقالية بعد الثورة، وربما يتناسون أن كل القوى والتيارات السياسية فى مصر قد ارتكبت هى الأخرى أخطاء فادحة. وكانت الخطورة فى هجوم الفريق الثانى أكبر، نظرا إلى ما لديهم من مصداقية اكتسبوها فى سنوات معارضتهم لمبارك ونظام حكمه، وللأسف لم ينتبهوا لاستغلال هجومهم القاسى على الإخوان فى الدفع بمرشح النظام السابق إلى كرسى الرئاسة، وكادت هذه الكارثة تحدث لولا وعى البسطاء من الناس (وعدد قليل من النخبة مثل بلال فضل وعلاء الأسوانى وحمدى قنديل وغيرهم) الذين أدركوا خيوط المؤامرة فخرجوا ليصوّتوا لمرسى حتى ينقذوا الثورة على الرغم من عدم انتمائهم إلى الإخوان وربما عدم رضاهم عنهم فى بعض المواقف.

وعلى الرغم من نجاح مرسى بأصوات المصريين ظلت النخبة على نهجها العنصرى فى النظر بازدراء إلى الرئيس وإلى زوجته (التى تندَّروا عليها بأنها أم أحمد) وإلى رموز كثيرة للتيار الدينى، وكانت ثمة حالة من التربص واصطياد الأخطاء وتضخيمها، وبدا مجمل الخطاب الإعلامى متجها إلى التقليل من شأنهم والنظر إليهم على أنهم جهلاء ومتخلفون وفاشيون ومنتمون إلى عصور الظلام ورجعيون ومستبدون ومنغلقو العقول.

ومَن درس القانون أو عاش فى أى دولة محترمة يعرف أن هذه هى عناصر النظرة العنصرية إلى الآخر، وأن وصم أى تيار أو جماعة فى المجتمع بهذه الأوصاف يؤدى إلى حالة من التمييز العنصرى ضدها (نفس ما كان يفعله ضباط أمن الدولة ورجال النظام السابق تجاه المعارضين بوجه عام وتجاه الإخوان بشكل خاص).

إن النخبة المصرية فى حاجة إلى مراجعة مواقفها، والعودة إلى مبادئها التى تتغنى بها ليل نهار من قبول الآخر واحترامه، وحقوق المواطنة والمساواة فى الواجبات والحقوق، ورفض كل أنواع التمييز العنصرى على أساس العقيدة أو اللون أو الجنس.?

http://photos-a.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-ash3/165904_461088140581607_1226772370_s.jpg (http://www.facebook.com/photo.php?fbid=461088140581607&set=a.208634749160282.54543.208614759162281&type=1&relevant_count=1)