المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بدايتها في ليبيا وشرارتها الكبري في إيران المليار الذهبي والحرب العالمية الثالثة


MOHAMED
09-03-2012, 06:12 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

يقول لنا التاريخ إن الدوافع الجوهرية وراء الحربين العالميتين الأولي والثانية كانت في الأساس دوافع اقتصادية وأن هاتين الحربين اندلعتا اثر أزمتين اقتصاديتين كبيرتين الحرب العالمية الأولي.


http://massai.ahram.org.eg/MediaFiles/arb-m_2_9_2012_36_26.jpg
فقد أدي التقدم الاقتصادي المذهل الذي حققته الثورة الصناعية اعتبارا من بداية القرن الثامن عشر إلي تطور النزعة الاستعمارية علي نحو جعل من تصريف البضائع التي شرعت المصانع الجديدة في انتاجها والحصول علي المواد الأولية وتوظيف رؤوس الأموال قضية من القضايا الأوروبية الملحة التي لم يجد رجال السياسة حلا لها إلا عن طريق التوسع في امتلاك المستعمرات‏,‏ وهو الأمر الذي حتم التصادم والنزاع بين القوي المستعمرة ذاتها خلال الفترة التي سبقت الحرب العالمية الأولي مباشرة‏.‏
كذلك برز خلال هذه الفترة التاريخية العصيبة النزاع حول السيطرة علي البحار خاصة بين الامبراطورية التي كانت لا تغيب الشمس عنها وسرعة مذهلتين‏,‏ كما تصاعدت حدة الخلافات بين ألمانيا وفرنسا حول مقاطعتي الألزاس واللورين اللتين ضمتهما ألمانيا الموحدة إليها بعد حرب عام ألف وثمانمائة وسبعين‏,‏ ولم تتفق الدولتان أيضا حول أسبقية كل منهما في احتلال منطقة المغرب الأقصي‏.‏
وقد عرف النزاع بينهما بشأن السيطرة علي المغرب أزمتين حدثت الأولي خلال عامي ألف وتسعمائة وخمسة وألف وتسعمائة وستة‏,‏ حيث عبرت خلالها ألمانيا عن تمسكها بمصالحها التجارية في هذا البلد‏.‏ أما الأزمة الثانية فقد وقعت في عام ألف وتسعمائة واحد عشر وذلك إثر دخول القوات الألمانية إلي مدينة أغادير وتهديد باريس باللجوء إلي استعمال القوة أيضا‏,‏ الأمر الذي اضطر فرنسا في نهاية المطاف إلي التنازل عن جزء من مستعمرة الكونجو لألمانيا مقابل إطلاق يدها في المغرب العربي الأقصي‏.‏ إلا أن هذه التناقضات الحادة بين هذه الدول الاستعمارية سرعان ما استفحلت أكثر وأكثر لتسفر في نهاية المطاف عن اندلاع الحرب العالمية الأولي خلال عامي ألف وتسعمائة وأربعة عشر وألف وتسعمائة وثمانية عشر وهي الحرب التي انتهت بسقوط الامبراطورية الألمانية‏,‏ والامبراطورية النمساوية ـ المجرية وروسيا القيصرية‏,‏ ثم سقوط الامبراطورية العثمانية‏.‏ كما أسفرت هذه الحرب عن خسائر مادية وبشرية جسيمة وعن تراجع الدور الرائد لأوروبا في توجيه سياسة العالم‏.‏
وقد كانت الولايات المتحدة الأمريكية المستفيدة الأولي من هذا الوضع علي أساس أنها الدائنة الأولي لأوروبا قبل الحرب وخلالها‏.‏ فقد كدست الولايات المتحدة بعد الحرب نتيجة تسديد أوروبا لديونها‏45%‏ من احتياطي الذهب في العالم‏.‏ وقد قتل في هذه الحرب أكثر من ثمانية ملايين ونصف المليون شخص وجرح فيها أكثر من ضعف هذا العدد‏.‏
الحرب العالمية الثانية
أما الحرب العالمية التي استمرت فترة طويلة بداية من عام‏1937‏ وحتي عام‏1945,‏ فقد اعتبرت في هذا الوقت بمثابة الحل الأمثل لما كان يعرف بالأزمة المالية العالمية الكبري أو الكساد الكبير وهي أزمة اقتصادية اندلعت في عام‏1929‏ وظلت تداعياتها مستمرة خلال حقبتي الثلاثينيات والأربعينيات من القرن المنصرم‏.‏ وقد أسفرت الحرب العالمية الثانية عن هزيمة الدكتاتوريات الحاكمة في ألمانيا واليابان وإيطاليا وتراجعت مكانة القارة الأوروبية فلم تعد فرنسا وبريطانيا تهيمنان علي العالم بل برز قطبان جديدان هما الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي السابق‏.‏ كما تغيرت أنظمة الحكم بأوروبا الوسطي‏.‏ وكانت الكلفة البشرية للحرب مروعة بشكل ربما لم يسبق له مثيل‏,‏ إذ قتل خلال هذه الحرب الضروس‏62‏ مليون نسمة نصفهم من المدنيين إضافة إلي عشرات الملايين من الجرحي والمشوهين جراء استعمال الأسلحة الكيماوية والذرية‏.‏
الحرب العالمية الثالثة
من بين أبرز المنظرين لما يعرف بالحرب العالمية الثالثة الخبير الروسي في الشئون العسكرية الدكتور قسطنطين سيفكوف النائب الأول لرئيس أكاديمية الشئون الجيوسياسية في موسكو الذي يعتقد أن هذه الحرب قادمة لا محالة لتكون بمثابة حل جذري للأزمة المالية العالمية التي اندلعت شرارتها الكبري في خريف عام ألفين وثمانية مع الاعلان رسميا عن انهيار بنك ليمان برزرز الاستثماري الأمريكي‏.‏ فهذه الأزمة التي مازالت البشرية جمعاء تعاني من تداعياتها حتي اليوم والتي كبدت الاقتصاد العالمي الحقيقي‏(‏ أي النشاط الاقتصادي غير المشتمل علي أسواق الأسهم والسندات‏)‏ خسائر تقدر قيمتها بنحو عشرة تريليونات دولار والتي كبدت أسواق المال العالمية‏(‏ بورصات الأسهم والسندات‏)‏ ثلاثين تريليون دولار بحلول نهاية عام ألفين وتسعة‏.‏
يقول الدكتور سيكوف إنه صار من شبه المستحيل بالنسبة للقوة الاقتصادية الغربية حل الأزمة المالية العالمية وتداعياتها الاقتصادية الراهنة بصورة سلمية‏,‏ وأن هذه الدول تعمد حاليا إلي افتعال مجموعة من الحروب في أنحاء شتي من العالم‏,‏ كما حدث في ليبيا ويحدث الآن في سوريا‏(‏ أصبحت الأراضي السورية بمثابة ساحة لحرب بالوكالة بين روسيا والصين من ناحية والقوي الغربية الكبري من ناحية أخري‏)‏ واحتمال مع إيران لتكون هذه الحروب في مجموعها بمثابة حرب عالمية ثالثة للخروج من هذه الأزمة الاقتصادية الدولية تماما كما حدث عندما خرجت القوي الكبري من أزمتيها الاقتصاديتين في عامي‏1914‏ و‏1929‏ عبر اشعال نار الحربين العالميتين الأولي والثانية‏.‏
ويقول الخبير الروسي إن حلف شمال الأطلنطي يتولي تنفيذ هذا المخطط العسكري وهو المخطط الذي يستهدف القضاء علي القوميات أو النزعات القومية مثل القومية العربية والقومية الفارسية لصالح الشركات متعددة الجنسيات التي تهيمن الآن علي نسبة هائلة من الاقتصاد العالمي ومن الاستثمارات الدولية التي تخضع لسيطرة جنسيات متعددة كما يتولي إدارتها اشخاص من جنسيات متعددة وتمارس نشاطها في بلاد أجنبية متعددة علي الرغم من أن استراتيجياتها وسياساتها وخطط عملها تصمم في مركزها الرئيسي‏.‏
كما يستهدف هذا المخطط قيام ما يعرف بالاقتصاد الورقي الغربي الذي يبلغ حجمه نحو‏144‏ تريليون دولار بابتلاع الاقتصاديات الحقيقية التي لا تقوم علي مضاربات في دول مثل الصين وروسيا والهند وذلك كله لتحقيق مصالح ما يعرف بالمليار الذهبي وهو مصطلح شائع في روسيا والبلاد الناطقة بالروسية ويستخدم للإشارة إلي الدول الصناعية الغنية‏.‏ ويري منظرو هذا المصطلح أن الفرق في الدخل بين سكان دول العالم الأول‏(‏ أي الدول الصناعية الكبري‏)‏ ودول العالم الثالث لا يمكن تفسيره بفارق الانتاجية الفردية‏,‏ إذ ان هناك كثيرا من الأمثلة حيث تتجاوز انتاجية مواطني دول فقيرة انتاجية نظرائهم في الدول الغنية‏(‏ مثال ذلك عمال الخياطة في الصين ونظرائهم في أمريكا مثلا‏),‏ ومع ذلك يبقي هؤلاء فقراء وهؤلاء أغنياء‏.‏ وفي المحصلة فإن استمرار استغلال شعوب الدول الفقيرة بهذا النحو خصوصا من قبل الشركات متعددة الجنسيات يمثل عائقا في وجه تطور الدول النامية التي لا تحصل من انخراطها في نظم العولمة والرأسمالية والسوق الحرة إلا علي الفتات فيما تعود معظم الفوائد علي دول المليار الذهبي‏.‏
المليار الذهبي
وتري نظرية المليار الذهبي وفق الفقه السياسي والاقتصادي الغربي أن موارد الأرض لا تستطيع أن تلبي حاجات سوي مليار نسمة من البشر ليعيشوا بمستوي دخل مناظر لما هو عليه الحال في الدول الغنية‏.‏ وبالتالي فإن نمط الاستهلاك المفرط والرفاهية الكبيرة التي يتمتع بها سكان الدول الغنية لا يمكن توفيرها لباقي سكان العالم بسبب محدودية الموارد علي كوكب الأرض‏.‏
ولعل من أهم وأخطر الأوراق التي تلعب بها القوي الغربية الكبري هي ما يعرف بالنيومالتوسية أو المالتوسية الجديدة‏.‏
النظرية المالتوسية
والمالتوسية هي نظرية اقتصادية خرج بها الباحث الاقتصادي والسكاني والسياسي الانجليزي الراحل الكبير توماس مالتوس في القرن التاسع عشر‏.‏ وتقول هذه النظرية ان الثروات تزداد بمتوالية حسابية‏(1‏ ـ‏2‏ ـ‏3‏ ـ‏...4)‏ في حين أن السكان يزدادون وفق متوالية هندسية‏(1‏ ـ‏2‏ ـ‏4‏ ـ‏..8)‏ ما يجعل من الحروب والكوارث الطبيعية والأوبئة ضرورة موضوعية للابقاء علي التوازن بين الثروات وعدد السكان‏.‏ إن مالتوس في نظريته قد أغفل ـ عامدا ـ حدا ثالثا في معادلة‏(‏ ثروات‏,‏ سكان‏)‏ وهو عامل توزيع الثروة‏,‏ وقفز فوقه ليقول للناس‏:‏ تلك هي سنة الحياة‏..‏ ليس في هذا الكون من الثروات ما يكفينا جميعا‏,‏ لذا ارضوا بما انتم فيه من فقر وظلم وجوع‏,‏ ولا تبالوا بنا ـ نحن أصحاب الثروات ـ‏,‏ ولكن التطور التاريخي أثبت ان مالتوس أراد فقط أن يقنع الناس بأن سوء أحوالهم أمر لا مفر منه‏.‏
بعد انهيار اتفاقية بريتون وودز التي وضعت حجر الأساس للنظام الاقتصادي والنقدي العالمي بعد انتهاء الحرب العالمية الأولي بفك ارتباط الدولار بالذهب في عام‏1973‏ بدأت تناقضات الرأسمالية ومشاكلها التابعة أصلا من التوزيع غير العادل للثروة بالظهور بشكل أكثر جلاء ووضوحا‏,‏ فكان لابد من اختراع حل استراتيجي يضمن للرأسمالية عمرا أطول‏..‏ وكان هذا الحل متمثلا بالنيومالتوسية‏,‏ حيث خرج نادي روما‏(‏ وهو احد المراكز البحثية الأساسية للرأسمالية العالمية‏)‏ في عام‏1975‏ بما أسماه نظرية المليار الذهبي وفي هذه النظرية ثلاثة حدود‏(‏ الثروة‏,‏ السكان‏,‏ توزيع الثروة‏),‏ حيث أكد هذا النادي أن‏:‏ عدد السكان في‏1975‏ هو نحو‏3‏ مليارات نسمة‏,20%‏ من هؤلاء يملكون‏80%‏ من الثروة‏,‏ و‏80%‏ يملكون‏20%,‏ وللمحافظة علي هذه النسبة لابد من إبقاء عدد السكان‏3‏ مليارات‏,‏ لأن زيادة عددهم سيجعل تغيير هذه النسب أمرا لا مفر منه‏.‏ ومن المتوقع أن يصل عدد السكان في‏2020‏ إلي‏8‏ مليارات‏,‏ ولذا يجب المسارعة بوضع آليات توقف هذا التضخم البشري‏,(‏ وهذا ضمنيا حكم إعدام بحق‏5‏ مليارات نسمة‏)..‏ وأما عن تقسيم المليارات الثلاثة فهو مليار ذهبي من البشر يعيش علي حساب المليارين الآخرين‏.‏