المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شهر شعبان بين العبادة والبدعة والاستعداد لاستقبال رمضان


Nermeen
07-11-2011, 09:45 AM
شهر شعبان بين العبادة والبدعة

الشيخ أحمد الفقيهي


عبادَ الله:
في الأزمان والأوقات التي يغفُل الناس فيها عن العِبادة، ويتناسَوْن الطاعة، في مِثْل هذه الأزمان تزدادُ مكانةُ العبادة، ويعلو شأنُها، ويتضاعف أجرُها؛ وذلك لأنَّ الطاعاتِ وقتَ غفلة الناس تكون في سِرٍّ وخفاء، وإخفاءُ الطاعة وإسرارها من أعظم أسباب قَبولها، حيث تكون خالصةً لله - تعالى - بعيدةً عن السُّمْعة والرِّياء، ولأنَّ الطاعاتِ كذلك وقتَ غفلة الناس عنها شاقَّةٌ على النفوس، وأفضلُ الأعمال أشقُّها على النفوس، ما دامت موافقةً لسُنَّة النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول - عليه الصلاة والسلام -: ((أَجْرُك على قَدْرِ نَصَبِك))، والسبب أيُّها المسلمون، في أنَّ الطاعاتِ وقتَ غفلة الناس شاقَّةٌ وشديدة على النفوس: هو أنَّ النفوس تتأسَّى بما تشاهده من أحوال أبناء الجِنس، فإذا كَثُرتْ يقظة الناس وطاعاتهم، كَثُر أهل الطاعة؛ لكثرة المقتدين بهم، فسهُلتِ الطاعات.

وتأمَّلْ كيف أنَّ كثيرًا من الناس يشقُّ عليهم الصيام في غير رمضان، فإذا جاء رمضانُ سَهُل عليهم الصيام، ولم يجدوا مشقَّة في صيامه، وأمَّا إذا كثُرت الغفلاتُ وأهلها، تأسَّى بهم عمومُ الناس، فيشق على نفوس المتيقِّظين والطالبين لِمَهْرِ الجَنَّة تشقُّ عليهم طاعاتهم؛ لقلَّة مَن يقتدون بهم في هذه الأوقات المغفول عنها، ولهذا المعنى قال - صلَّى الله عليه وسلَّم - في حال الغرباء في آخر الزمان: ((للعامِلِ منهم أجرُ خمسين منكم؛ (أي: من الصحابة)، إنَّكم تجدون على الخير أعوانًا، ولا يَجِدُون))؛ أخرجه الترمذي، وغيره.

أيُّها المسلمون:
شهرُكم هذا - شهرُ شعبان - مِن الأزمان التي يغفُل الناس فيها عن العبادة والطاعة، وذلك لوقوعِه بين شهرين عظيمَينِ، وهما شهر رجب الحرام وشهر رمضان شهر الصيام، فاشتغَلَ الناس بهما، فصار مغفولاً عنه، جاء عندَ أحمد وغيره، وصحَّحه ابنُ خُزيمةَ، وحسَّنه الألبانيُّ، عن أسامةَ بن زَيْد قال: قلتُ: يا رسول الله، لم أرَكَ تصوم شهرًا من الشهور ما تصوم مِن شعبان؟ قال: ((ذلك شهرٌ يغفُل الناس عنه، بين رجب ورمضان، وهو شهرٌ تُرفع فيه الأعمالُ إلى ربِّ العالمين، فأُحِبُّ أن يُرفَعَ عملي وأنا صائم)).

ولنا - عبادَ الله - مع هذا الشهر وقفاتٌ ودروس، نُبيِّن فيها بعضَ فضائله وأحكامه، وننظر فيها حالَ رسولنا - صلَّى الله عليه وسلَّم - والسَّلفِ الصالِح؛ { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَاليَوْمَ الآَخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21].

عباد الله:
لقد كان نبيُّكم - صلَّى الله عليه وسلَّم - يخصُّ شهرَ شعبان بعبادةٍ من أجلِّ العبادات، ألاَ وهي الصيام؛ ففي الصحيحَين عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "ما رأيتُ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - استكملَ صيامَ شهر قطُّ إلاَّ رمضان، وما رأيتُه في شهر أكثرَ صيامًا منه في شعبان"، وجاء عند مسلم - رحمه الله -: "أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان يصوم شعبانَ إلاَّ قليلاً".

ومِن شِدَّة محافظته - صلَّى الله عليه وسلَّم - على الصَّوْم في شعبان أنَّ أزواجه - رضي الله عنهن - كُنَّ يَقُلنَ: إنَّه يصوم شعبان كلَّه، مع أنَّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - ما استكمل صيامَ شهر قطُّ غير رمضان.

ولصيامه - عليه الصلاة والسلام - في شعبان حِكَمٌ ومعانٍ جليلة، لعلَّ منها:
ما ذكره بعضُ أهل العلم من أنَّ أفضل التطوُّع بالصيام ما كان قريبًا من صيام رمضان قبلَه أو بعدَه؛ لأنَّه يلتحق بصيام رمضان لقُرْبه منه، فيكون لصيام رمضان بمنزلة السُّنن الرواتب مع الفرائض قبلَها وبعدَها، فصوم شعبان كالقَبليَّة لرمضان، وصيام الستِّ من شوال كالبَعديَّة لرمضان، فالسنن الرواتب أفضلُ من التطوُّع المطلَق بالنسبة للصلاة، فكذلك يكون صيامُ ما قبل رمضان وما بعده أفضل من الصيام المطلَق الذي لا يتَّصل به.

ومِن المعاني أيضًا في صيام شهر شعبان: أنَّ صيامه كالتمرين على صِيام شهر رمضان، لئلاَّ يدخلَ في صوم رمضان على مشقَّة وكُلفة، بل يكون قد تمرَّن على الصيام واعتادَه، ووجد بصيام شعبان قبلَه حلاوةَ الصيام ولذَّته، فيدخل في رمضان بقوَّة ونشاط.

أيُّها المسلمون:
لَمَّا كان شعبان كالمقدِّمة لرمضان، شُرِع فيه كما يقول ابن رجب - رحمه الله - ما يُشرَع في رمضان مِن الصِّيام، والقيام، وقراءة القرآن، وسائر أنواع الإحسان؛ ليحصلَ التأهُّبُ لتلقِّي رمضان، وترتاض النفوسُ بذلك على طاعة الرحمن، ولقد كان السَّلفُ الصالِح يَجِدُّون بالعبادة في شعبان؛ استعدادًا لرمضان؛ قال سلمةُ بن كهيل: كان يُقال: شهرُ شعبان شهرُ القرَّاء، وكان عمر بن قيس إذا دخل شعبانُ أَغْلق حانوتَه، وتفرَّغ لقراءة القرآن، وكان يُقال أيضًا: شهر رجب شهرُ الزَّرْع، وشهر شعبانَ سَقيُ الزَّرْع، وشهر رمضان حصادُ الزَّرْع.

عباد الله:
إنَّ ممَّا يكثُر الحديث والسؤال عنه في هذا الشهر، خاصَّة مع الانفتاح الإعلامي والتطور التقني: مسألةَ صِيام يومِ النِّصف من شعبان وقيام ليلتِه، وقد تعدَّد كلامُ العلماء، وتنوَّع في هذه المسألة؛ نظرًا لتعدُّد النصوص، واختلافهم فيها صِحَّةً وضعفًا، وإنَّ مما تواتر أنَّ القرآن الكريم لم يَرِدْ فيه أي ذِكْر لليلة النِّصْف من شعبان، وإن كان عكرمة (من التابعين) يرى أنَّها اللَّيْلة التي قال الله فيها: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ} [الدخان: 3]، ولكنَّه قولٌ مردودٌ بنصِّ القرآن، إذِ اللَّيلة المقصودة بالآية هي ليلةُ القدر؛ كما قال – تعالى -: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: 1].

قال العلاَّمة ابنُ عثيمين - رحمه الله -: "فمَن زَعم أنَّ ليلةَ النِّصْف من شعبان يُقدَّر فيها ما يكون في العام، فقد خالَفَ ما دلَّ عليه القرآن".اهـ. كلامه - رحمه الله -.

أيُّها المسلمون:
إنَّ إفرادَ يومِ النِّصْف من شعبان بصيام من الأمور المُحْدثة التي لم تثبتْ عن الحبيب - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال العلاَّمة ابن باز - رحمه الله تعالى -: "إنَّ الاحتفال بليلةِ النِّصْف من شعبانَ بالصلاة، أو غيرها، وتخصيص يومِها بالصيام - بدعةٌ منكرة عندَ أكثر أهل العِلم، وليس له أصلٌ في الشَّرْع المطهَّر".

لكن يُنبَّه هنا على مسألة مهمَّة، وهي: أنَّ مَن كانتْ عادتُه صيامَ الأيَّام البِيض، فيُستحبُّ في حقِّه على عادته، أمَّا مَن لم يكن ذلك من عادته، ثم صام يومَ النِّصْف من شعبان بخصوصه، ولأجله فلا يُقال: إنَّه صام الأيَّام البِيض؛ لأنَّه لم يصمْه إلاَّ لاعتقاده فضلَ النِّصْف من شعبان دون غيره.

عباد الله:
إنَّ أصحَّ حديث ورد في فضْل ليلة النصف من شعبان: ما رواه ابن ماجه، وابن أبي عاصم، وابن حبان، وصحَّحه الإمام أحمدُ والأوزاعيُّ، وابن تيمية وابن رجب، كما صحَّحه الشيخ الألبانيُّ - رحمة الله على الجميع -: أنَّ معاذ بن جبل - رضي الله عنه - قال: قال النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((يَطَّلِع الله - تبارك وتعالى - إلى خَلْقِه ليلةَ النِّصْف من شعبان، فيغفرُ لجميع خَلْقه إلاَّ لمُشرِك أو مُشاحِن))، قال ابن تيمية: "الذي عليه أكثرُ أهْل العِلم - أو أكثرُهم من أصحابنا وغيرهم - على تفضيلها؛ لتعدُّد الأحاديث الواردة فيها، وما يُصدِّق ذلك من الآثار السلفيَّة، وقد رُوي بعضُ فضائلها في المسانيد والسُّنن، وإن كان قد وُضِع فيها أشياءُ أُخَرُ".

أيُّها المسلمون:
لقدْ أجاز مَن صحَّح الحديثَ السابق أن يَخُصَّ المسلمُ ليلةَ النصف من شعبان بقيام؛ لأنَّها محلٌّ لنزول رحمة الله، على أن يكونَ ذلك في خاصَّة الرجل، لا أن يجتمعَ الناس لها في المساجد، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "إذا صلَّى الإنسان ليلةَ النصف وحدَه، أو في جماعة خاصَّة، كما كان يفعل طائفةٌ من السَّلف - فهو أحسن، وأمَّا الاجتماع في المساجدِ على صلاة مقدَّرة، فهذا بدعةٌ لم يستحبَّها أحد من الأئمة"، وقال أيضًا: "فصلاةُ الرجل فيها وحدَه قد تقدَّمه فيه سلف، وله فيه حُجَّة، فلا ينكر مثل هذا"؛ [الفتاوى 23/132 - 133].

عباد الله:
إنَّ الاجتماع للصلاة في ليلة النِّصْف من شعبان كهيئة الصلوات المفروضة من البِدع المنكرة، وإحياء ليلة النصف من شعبان بالصلاة الألفيَّة من المُحْدَثات التي لم تَرِدْ عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ولا عن السَّلْف الصالح؛ قال تقي الدين - رحمه الله -: "فأمَّا إنشاء صلاة بعددٍ مُقدَّر، وقراءة مُقدَّرة في وقت معيَّن، تصلَّى جماعة راتبة، كهذه الصلوات المسؤول عنها، (ومنها صلاة الألفية)، فهذا غيرُ مشروع باتِّفاق أئمَّة الإسلام، كما نصَّ على ذلك العلماءُ المعتبرون، ولا يُنشِئ مثلَ هذا إلاَّ جاهلٌ مبتدِع".






عباد الله:
إنَّ ممَّا يُشرع في شهر شعبان: أنَّ مَن عليه قضاء من رمضان لا يجوز له تأخيرُه حتى يدخلَ رمضان الذي يليه من غير عذر؛ فعن عائشةَ - رضي الله عنها -: قالت: "كان يكون عليَّ الصومُ من رمضان، فما أستطيعُ أن أقضيَه إلاَّ في شعبان؛ وذلك لمكانِ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم"؛ رواه مسلم.

أيُّها المسلمون:
أيَّام قليلةٌ وينتصف شهرُ شعبان، والصِّيام بعد النِّصْف من شعبان له أحوال:
• صائمٌ يصوم قضاءً لِمَا فاتَه، أو وفاءً لنذر الْتزم به، فهذا الصوم لا بأسَ به في حقِّه، بل واجب.
• وصائم يصوم أيَّامًا اعتاد على صيامها قبلَ شعبان، كصيام الأيام البيض، وصيام الاثنين والخميس، فهذا جائزٌ صومُه.
• وصائم يتحرَّى بصيامه القُرْبَ من رمضان والاحتياطَ له، وخاصَّة يومَ الشك، فهذا الصوم مُحرَّم، ومنهيٌّ عنه؛ امتثالاً لسُنَّة النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - في ذلك.

عبدَ الله:إنَّ أيَّام عمرنا تتصرَّم، وساعات حياتنا تنقضي، فقدِّم لنفسِك صالحًا قبلَ حلول ساعة الأجل، وهذه الغنيمة بين يديك، ولئنْ كان النهار طويلاً، والحرُّ شاقًّا، فأنت ترجو الرَّاحةَ الأبديَّة في جنَّات الخلود.

مَضَى رَجَبٌ وَمَا أَحْسَنْتَ فِيهِ وَهَذَا شَهْرُ شَعْبَانَ الْمُبَارَكْ
فَيَا مَنْ ضَيَّعَ الْأَوْقَاتَ جَهْلاً بِحُرْمَتِهَا أَفِقْ وَاحْذَرْ بَوَارَكْ
فَسَوْفَ تُفَارِقُ اللَّذَّاتِ قَهْرًا وَيُخْلِي الْمَوْتُ كُرْهًا مِنْكَ دَارَكْ
تَدَارَكْ مَا اسْتَطَعْتَ مِنَ الْخَطَايَا بِتَوْبَةِ مُخْلِصٍ وَاجْعَلْ مَدَارَكْ
عَلَى طَلَبِ السَّلاَمَةِ مِنْ جَحِيمٍ فَخَيْرُ ذَوِي الْجَرَائِمِ مَنْ تَدَارَكْ
ثم صلُّوا وسلِّموا رحمكم الله.








************************************************** ********



هدي النبي صلى الله عليه وسلم في شعبان


د. جمال المراكبي








الحمد لله والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وبعد:

شهر شعبان من الأشهُر القليلة التي يهتمُّ بها المسلمون، فكان سلفنا الصَّالح يهتمُّون بصوْمِه اقتداءً برسول الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم - ثمَّ درَج الخلف على الاهتِمام ببدع ما أنزل الله بها من سلطان، خاصَّة في ليلة النِّصْف من شعبان، ونحن نعرض لهذه السنن نرغِّب فيها، ولهذه البدع نحذِّر منها.



فائدة: سمِّي شعبان بهذا الاسم لأنَّهم كانوا يتشعَّبون في الغارات بعد أن يَخرج شهر رجب الحرام، أو لتشعُّبهم في طلب الماء، والأوَّل أوْلى وأرْجح.



1- صوم شعبان:

كان النبي - صلَّى الله عليْه وسلَّم - يَحتفي بشعبان ويصوم فيه أكثرَ من غيره من الشُّهور، حتَّى يُقال: لا يفطر؛ كما في حديث عائشة عند البخاري ومسلم: "كان رسول اللَّه - صلَّى الله عليْه وسلَّم - يصومُ حتَّى نقول: لا يفطر، ويفطر حتى نقول: لا يصوم، فما رأيتُ رسولَ اللَّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - استكمل صيام شهر إلاَّ رمضان، وما رأيتُه أكثر صيامًا منْه في شعبان".



وعن عائشة أيضًا - رضي الله عنها - قالت: لَم يكُن النَّبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - يصومُ شهرًا أكثر من شعبان، وكان يصومُ شعبان كلَّه، وكان يقول: ((خذوا من العمل ما تطيقون فإنَّ الله لا يمَلُّ حتَّى تملُّوا))، وأحب الصَّلاة إلى النَّبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - ما دُووِم عليه وإن قلَّت، وكان إذا صلَّى صلاة داوم عليها؛ متَّفق عليه.

وفي رواية لمسلم: "كان لا يصوم من السَّنة شهرًا تامًّا إلاَّ شعبان يصِلُه برمضان".



قال بعض أهل العلم: إمَّا أن يُحمَل قولُ عائشة في صيام شعبان كلّه على المبالغة، والمراد أنَّه كان يصوم الأكثر، وإمَّا أن يجمع بين النُّصوص على أنَّ قولَها الثَّاني متأخِّر عن قولِها الأوَّل، فأخبرت عن أوَّل أمْرِه أنَّه كان يصوم أكثَر شعبان، وأخبرت ثانيًا عن آخِر أمره أنَّه كان يصومه كلَّه، وقيل: المراد أنَّه كان يصوم من أوَّله تارة، ومن آخِره أخرى، ومن أثنائِه طورًا فلا يُخلي شيئًا منه من صيام، ولا يخصُّ بعضَه بصيام دون بعض.



ونقل الترمذي عن ابن المبارك أنَّه قال: جائزٌ في كلام العرب إذا صام أكثر الشَّهر أن يقول: صام الشهر كلَّه، ويقال: فلان قام ليلته أجْمع، ولعلَّه قد تعشَّى واشتغل ببعض أمره.



2- صوم سرر شعبان:

السرر: هي الأيَّام الأواخِر من الشَّهر، سمِّيت بذلك لاستِسْرار القمر فيها، وهي ليلة ثمان وعشرين، وتسْع وعشرين، وثلاثين.



وقيل: سرَر الشَّهر أوله، وقيل: وسط الشَّهر لأنَّ السرر جمع سرة، وسرَّة الشيء أوسطه، ويؤيِّده الندب إلى صيام البيض وهي وسط الشَّهر، ولأنه لم يرِد في صيام آخر الشَّهر ندب، بل ورد فيه نَهي خاص، وهو صيام آخر شعْبان لمن صامه لأجل رمضان.



وفي الصَّحيحين: عن عمران بن حصين عن النَّبيِّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - أنَّه سأله فقال: ((هل صُمْتَ من سرر هذا الشَّهر شيئًا؟))؛ يعني شعبان، فقال: لا، قال: ((فإذا أفطرت فصُم يومين))؛ اللَّفظ لمسلم.



ويتبيَّن من جَمع روايات هذا الحديث أنَّ السُّؤال وقع في رمضان، والمسؤول عنه سرر شعبان؛ ولهذا قال في آخِره: ((فإذا أفطرت))، يعني من رمضان، ((فصم يومين)) عوضًا عن سرر شعبان.



3- النهي عن تقدُّم رمضان بصوم يومٍ أو يومَين:

عن أبي هُرَيْرة - رضِي الله عنه - عن النَّبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((لا يتقدَّمنَّ أحدُكم رمضانَ بصومِ يومٍ أو يومَين، إلاَّ أن يكونَ رجُلٌ كان يصوم صوْمَه فليصم ذلك اليوم))؛ رواه البخاري.



قال العلماء: معنى الحديث: لا تستقْبلوا رمضان بصيام على نيَّة الاحتِياط لرمضان.



وقال الترمذي بعد أن أخرج الحديث: العمل على هذا عند أهل العلم، كرهوا أن يتعجَّل الرَّجُل بصيام قبل دخول رمضان لمعنى رمضان، ومثل هذا حديث عمَّار بن ياسر في صيام يوم الشَّكِّ ولفظه: "مَن صام اليوم الذي يشكُّ فيه فقد عصى أبا القاسم - صلَّى الله عليه وسلَّم"، وكذلك الحديث الَّذي أخرجه أصحاب السُّنن وصحَّحه ابن حبَّان وغيرُه عن أبي هريرة مرفوعًا: ((إذا انتصف شعبان فلا تصوموا)).



وقد قال بعض الشَّافعية: يحرم تقدُّم رمضان بصوم يوم أو يومين، ويُكْرَه التقدم من نِصْف شعبان للحديث الآخر، وجُمهور العلماء يجوِّزون الصوم تطوُّعًا بعد نصف شعبان ويضعِّفون الحديث.



4- الحكمة من صيام شعبان:

ولكن ما الحكمة في إكْثار النَّبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - من صوْم شعبان؟

قيل: كان ينشغل عن صوْم الأيام الثَّلاثة من كلِّ شهرٍ لسفر أو غيره، فتجتمع فيقضيها في شعبان، وقد رُوِي في ذلك حديث ضعيف.



وقيل: كان يصنع ذلك لتعظيم رمضان، ورُوي في ذلك حديث ضعيف أيضًا، وقيل: كان يُكْثِر من الصَّوم في شعبان لما يفوتُه من التطوُّع في رمضان، فصيام رمضان فريضة، والنَّبيُّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - ما كان يُخلي شهرًا من الشُّهور من صيام تطوُّع، إلاَّ رمضان فلا تطوُّع فيه، فكان يكثِر من صوم شعبان لما يفوته من التطوُّع في رمضان.



وأصحُّ ما قيل في ذلك أنَّه شهر يغفل عنْه النَّاس بين رجب ورمضان؛ كما في حديث النَّسائي وأبي داود وابن خُزيمة عن أسامة بن زيد، قال: قلتُ: يا رسولَ الله، لَم أرَكَ تصومُ من شهْرٍ من الشُّهور ما تصوم من شعبان؟ قال: ((ذلك شهرٌ يغفل النَّاس عنْه بين رجب ورمضان، وهو شهر تُرفع فيه الأعمال إلى ربِّ العالمين، فأحبُّ أن يُرفع عملي وأنا صائم)).



5- قضاء صوم رمضان في شعبان:

يَجوز تأخير القضاء لِمن أفطر في رمضان لعُذر إلى شعبان، ويحرُم تأخير القَضاء بعد ذلك لغير عذْر شرعي.



وقد كان نساء النَّبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - يؤخِّرْن صيام الأيَّام التي يُفْطِرْنَها من رمضان حتَّى يَجيء شعبان، فيقْضينها فيه؛ وذلك لحاجة رسول اللَّه - صلَّى الله عليْه وسلَّم - ففي الصَّحيحيْن من حديث عائشةَ - رضِي الله عنْها - قالت: "كان يكون عليَّ الصَّوم من رمضان، فما أستطيع أن أقضِيَه إلاَّ في شعبان".



وقد كان النَّبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - يكثر الصَّوم في شعبان؛ فلذلِك كان لا يتهيَّأ لها القضاء إلاَّ في شعبان لتصوم معَه - صلَّى الله عليه وسلَّم.



ليلة النصف من شعبان:

ورد في فضْل هذه اللَّيلة - وهي اللَّيلة الخامسةَ عشرة من شعبان - أحاديثُ رواها أصحاب السنن، كالترمذي وابن ماجه وأحمد، وهي أحاديث ضعاف باتِّفاق أهل العلم، وقد قوَّى بعضُهم بعض هذه الأحاديث بشواهدها.



روى الترمذي عن عائشة قالت: فقدتُ رسول اللَّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - ليلة فخرجت، فإذا هو بالبقيع، فقال: ((أكنت تَخافين أن يَحيف الله عليك ورسوله؟)) قلت: يا رسول الله، إني ظننتُ أنَّك أتيت بعض نسائك، فقال: ((إنَّ الله - عزَّ وجلَّ - ينزل ليلة النِّصف من شعبان إلى السَّماء الدنيا، فيغفر لأكثرَ من عدد شعر غنم كلب)).

قال أبو عيسى: حديث عائشة لا نعرِفُه إلاَّ من هذا الوجْه من حديث الحجَّاج بن أرطاة.



وسمعت محمَّدًا - يعْني البخاريَّ - يضعِّف هذا الحديث، وقال: يَحيى بن أبي كثير لَم يسمع من عروة، والحجَّاج بن أرطاة لم يسمع من يحيى.



قال المباركفوري: ورد في ليلة النِّصْف من شعبان عدَّة أحاديث، مجموعها يدلُّ على أنَّ لها أصلاً، وساق معظم هذه الأحاديث، وحكم عليْها ما بين منقطع ومرسل، وضعيف ولين.



وممَّن حسَّن هذه الأحاديث بشواهدها الألباني - رحِمه الله - حيث علَّق على حديث ابن ماجه: ((إنَّ الله تعالى ينزل ليلة النِّصْف من شعبان إلى السَّماء الدنيا فيغفِر لجميع خلْقِه إلاَّ لمشرِك أو مشاحن))، فقال: حسن.



وعلى فرض صحَّة هذه الأحاديث، فليس فيها سوى أنَّ الله - عزَّ وجلَّ - ينزل إلى السَّماء الدنيا، فيغفر لعددٍ كبير من خلْقِه عدا المشْرِك والمشاحِن.



والعجيب أنَّ أهل البدع يتعلَّقون بمثل هذه الأحاديث فيؤصِّلون بِدَعهم، كإحْداث تخصيص صيام يوم النِّصف من شعبان وقيام ليلته، وينسَون أنَّ التنزُّل الإلهي إلى السَّماء الدنيا يكون في كلِّ ليلة؛ كما في الحديث الصحيح: ((ينزل ربنا إلى السَّماء الدنيا في ثلث الليل الآخر فيقول: هل من مستغفِرٍ فأغفر له؟ هل من داعٍ فأستجيب له؟ هل من سائل فأعطيه؟ إلى أن يطلع الفجر)).



فهلاَّ تمسَّكوا بهدْي النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - في قيام الليل، والحرْص على وقت السَّحَر ليتعرَّضوا لهذه البركات.



بدع الشيعة في ليلة النصف:

في موقع للشِّيعة على شبكة الإنترنت ذكروا:

1- في هذه الليلة تكون زيارة سيدنا أبي عبدالله الحسين - عليه السلام - فقد روي عن الصَّادقين - عليهم السلام - أنَّهم قالوا: إذا كانت ليلة النصف من شعبان نادى منادٍ من الأفق الأعلى: زائري قبر الحسين بن علي مغفور لكم، ثوابُكم على ربكم ومحمد نبيكم.



ومن لم يستطع زيارة الحسين بن علي - عليهما السلام - في هذه الليلة، فليَزُر غيرَه من الأئمَّة - عليهم السلام - فإن لم يتمكَّن من ذلك أومأ إليْهم بالسلام، وأحياها بالصَّلاة والدعاء.



وقد روي أنَّ أمير المؤمنين - عليه السلام - كان لا ينام في السَّنة ثلاث ليال: ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان، ويقول: إنَّها الليلة التي تُرْجَى أن تكون ليلة القدْر، وليلة الفطر ويقول: في هذه الليلة يُعْطَى الأجير أجرَه، وليلة النصف من شعبان، ويقول: في هذه اللَّيلة يفرق كلُّ أمر حكيم.



وقد رُوِي عن الصَّادق جعفر بن محمد - عليهما السلام - أنَّه قال: إذا كان ليلة النِّصف من شعبان أذِن الله تعالى للملائكة بالنزول من السَّماء إلى الأرض، وفتح فيها أبواب الجنان وأجيب فيها الدعاء، فليصلِّ العبد فيها أرْبَع ركَعات يقرأ في ركعة فاتحةَ الكتاب مرَّة، وسورة الإخلاص مائةَ مرَّة، فإذا فرغ منها بسطَ يديْه للدُّعاء، وقال في دعائه: اللَّهُمَّ إني إليك فقير، وبك عائذ، ومنك خائف، وبك مستجير، ربِّ لا تبدل اسمي، ولا تغيِّر جسمي، وأعوذ بعفوك من عقابك، وأعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ برحمتك من عذابك، إنَّك كما أثنيت على نفسك، وفوق ما يقول القائلون، صلِّ على محمَّد وآل محمَّد، وافعل بي كذا وكذا، ويسأل حوائجَه، فإنَّ الله تعالى جواد كريم.



وروي أنَّه مَن صلَّى هذه الصَّلاة ليلةَ النِّصْف من شعبان غَفر الله له ذنوبَه، وقضى حوائجَه، وأعطاه سؤْلَه.



وهذه البِدَع الَّتي يروِّج لها الشيعة ولا أصل لها يُروِّج لها المتصوفة، فقد زعموا أنَّ الليلة التي يُفْرَق فيها كلُّ أمر حكيم هي ليلة النصف من شعبان، والحقُّ الذي لا مراء فيه أنَّها ليلة القدر التي أنزلَ الله فيها القرآن بالنَّصِّ القاطع؛ ﴿ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ﴾ [الدخان: 3، 4].



حديث صلاة مائة ركْعة بالإخلاص عشْر مرَّات في كل ركعة، في ليلة النصف من شعبان - موضوع، كما ذكر القاري ونقَله صاحب التحفة المباركفوري.



وممَّا أُحْدِث في ليلة النصف من شعبان: الصَّلاة الألفيَّة، مائة ركعة بالإخلاص، عشرًا عشرًا بالجماعة، واهتمّوا بها أكثر من الجمع والأعياد، ولم يأْتِ بها خبرٌ ولا أثر إلاَّ ضعيف أو موضوع، ولا تغترّ بذِكْر صاحب القوت والإحياء وغيرهما.



وأوَّل حدوث لهذه الصَّلاة ببيت المقدس سنة 448هـ، وقد جعلها جهلة أئمَّة المساجد مع صلاة الرَّغائب شبكة لجمع العوام، ثمَّ إنَّه أقام الله أئمَّة الهدى في سعي إبْطالها فتلاشى أمرها وتكامل إبطالها في البلاد المصريَّة والشاميَّة في أوائل سني المائة الثَّامنة، وكذلك قام مشايِخُنا في جماعة أنصار السنَّة المحمدية بإنكار هذه البدع والتَّحذير منها.



وقيل: أوَّل حدوث الوقيد - إيقاد السرج والنيران - من البرامكة وكانوا عبدة النَّار، فلمَّا أسْلموا أدخلوا في الإسلام ما يُمَوِّهون أنَّه من سنن الدين ومقصودهم عبادة النيران.



ومن يُطالع مجلَّة التوحيد منذ نشأتها، وقبلها مجلَّة الهدي النبوي لسان حال جماعة أنصار السنَّة المحمديَّة - يجد المقالات العديدة التي تحذِّر النَّاس من البدع عامَّة، وهذه البدع بوجه خاصّ، ولا أريد أن أخصَّ شيخًا بعيْنِه، فكلُّهم قاموا ناصرين للسنَّة قامعين للبدعة، رحِمهم الله رحْمة واسعة.



والحمد لله ربّ العالمين.


******************************


رمضان التهيؤ النفسي والتخطيط العملي


أحمد بن عبد الرجمن القاضي


الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.



أما بعد:

فما هي إلا أيام معدودات، وليال باقيات، ويظل الأمة الإسلامية شهر كريم، وموسم عظيم، فتلبس لباس التقوى، وتظهر شعار الإسلام، والعبودية لله رب العالمين. رمضان: درة الشهور، وزينة العام؛ مدرسة إيمانية، تربوية، تعبدية، اجتماعية. وصوم رمضان: أحد أركان الإسلام، ومبانيه العظام، وأحد محاسن الشريعة، ودلائل صحتها، وموافقتها لمصالح العباد، وانسجامها مع الفطرة. فمع تكراره كل عام، ومنافاته لشهوات النفس، تظل النفوس المؤمنة تهفو إليه، وتترقب حلوله، وتتنعم بصيامه وقيامه.



قال ابن القيم، رحمه الله: (المقصود من الصيام: حبس النفس عن الشهوات، وفطامها عن المألوفات، وتعديل قوتها الشهوانية، لتستعد لطلب ما فيه غاية سعادتها، ونعيمها، وقبول ما تزكو به مما فيه حياتها الأبدية، ويكسر الجوع والظمأ من حدتها، وسورتها، ويذكرها بحال الأكباد الجائعة من المساكين، وتضيق مجاري الطعام والشراب) إلى أن قال: (والمقصود أن مصالح الصوم، لما كانت مشهودة بالعقول السليمة، والفطر المستقيمة، شرعه الله لعباده، رحمةً بهم، وإحساناً إليهم، وحميةً لهم وجنة) زاد المعاد: 2/28-30



وكثير من الناس يتلهف لإدراك الشهر، ويأسى على من أدركه الأجل قبل دخوله، وهو صادق في شعوره، لكن سرعان ما تنفثئ هذه الفقاعة الكبيرة، وتبرد هذه السورة العاطفية، خلال أيام معدودة من أيامه الأولى! ولا شك أن للطبيعة البشرية دور في هذا التراجع، لكن جزءاً من تفسير هذه الظاهرة، يرجع، في نري إلى أمرين:

أحدهما: عدم التهيؤ النفسي، والتكيف الوجداني التام لاستقبال الشهر، وذلك بإجالة النظر في النصوص القرآنية، والنبوية، في فضائل الشهر، والتأمل في آثاره العاجلة، والآجلة، والتفكر في مقاصده، وثمراته. فإذا امتلأت النفس بهذه المعاني، صار ذلك وقوداً، وذخيرة، يمدها إلى آخر الشهر، ويغذيها بالعزيمة، والثبات، والاستقامة.



قال ابن رجب، رحمه الله: (كان النبي صلى الله عليه وسلم، يبشر أصحابه بقدوم رمضان، كما خرجه الإمام أحمد، والنسائي، عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه، يقول: "قد جاءكم شهر رمضان، شهر مبارك، كتب الله عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب الجنان، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خيرها، فقد حرم". قال بعض العلماء: هذا الحديث أصل في تهنئة الناس بعضهم بعضاً بشهر رمضان ) لطائف المعارف: 279. قلت: هذا الحديث أصل في تهيئة النفس لصيام رمضان.



الثاني: عدم التخطيط العملي، والتصور التفصيلي لتنفيذ الأعمال، فتتبخر الأماني، وتتبدد الأحلام، بسبب عدم وضع خطة واضحة، ممكنة، لليوم، والليلة. فينبغي للمؤمن الجاد تحديد أهدافً واضحة، والتزام برنامج متوازن، حازم، لاغتنام الشهر الكريم، ومن ذلك على سبيل المثال:

1- المحافظة على الصلوات، والرواتب، والتبكير إلى المساجد، فور سماع النداء.

2- الالتزام بحزب معين من تلاوة القرآن، وتحديد عدد ممكن من الختمات.

3- اعتماد تفسير معتبر للقرآن، للرجوع إليه بغرض الفهم والتدبر.

4- الائتمام بإمام حسن التلاوة، مطمئن الصلاة، في التراويح والقيام.

5- تعيين مبلغ من المال لإخراجه في رمضان، على سبيل الزكاة، أو الصدقة.

6- الترتيب المبكر لعمرة في رمضان .

7- التخفف من الشواغل الثانوية، والتوفر لتحقيق المقاصد الرمضانية.



وهكذا، فإن تحضير الذهن، وشحذ العزم، مع الاستعانة بالله، يحصل به المقصود، كما وصى نبينا صلى الله عليه وسلم، بقوله: (احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجز) رواه مسلم.



بلغنا الله، وإياكم، رمضان، وأعاننا فيه على الصيام، والقيام، ومنَّ علينا بالقبول، والغفران، والعتق من النيران، والفوز بالجنان. إنه ولي ذلك، والقادر عليه.





********************************************


إيقاذ القلب برنامج تاهيل وإعداد لاستقبال شهر رمضان

حسين كريم





لنعملْ على غسل القلب، وتنشيطه من حالة الكسل التي انتابتْه، وخاصةً في الإجازة الصيفية؛ ليعودَ إلى ما كان عليه في رمضانَ الماضي، وسيتم التركيز على علاقتنا بالله - عز وجل - عن طريق:

• الخشوع في الصلاة، وقراءة القرآن، ومحاولة ختمه مرةً على الأقل قبل رمضان، وقراءة مبسطة في التفسير.

• ابدأ بصوم أيام الاثنين والخميس؛ فعن أسامة بن زيد - رضي الله عنهما - قال: "قلتُ: يا رسول الله، لَم أرَكَ تصوم من شهرٍ من الشهور ما تصوم من شعبان!"، قال – صلى الله عليه وسلم -: ((ذاك شهر يغفل الناسُ عنه بين رجب ورمضان، وهو شهرٌ تُرفَع فيه الأعمالُ إلى رب العالمين، وأُحب أن يُرفع عملي وأنا صائم))؛ رواه النسائي.

• قراءة وسماع المحاضرات حول: عظمة الله، الجنة ونعيمها، الذِّكر، التوبة...

• محاسبة النفس على العام الماضي، والدعاء أن يعيننا اللهُ على فعل ذلك كله، وأن يثبِّتنا.

• هذا هو الوقت المناسب للإقلاع عن: النميمة، الكِبر، الألفاظ النابية...

• احرص على صلاة الفجر في وقته.

• تعلَّم فقه الصوم، وفقه الزكاة.

• أكثِرْ من الصدقات، وتعلم أنواع الصدقات غير المال: الابتسامة، الكلمة الطيبة، قضاء حوائج المسلمين...

• ابدأ بقيام الليل ثلاث مرات في الأسبوع؛ ابدأ بركعتين بعد العشاء، قبل النوم، ثم جاهدْ نفسَك في القيام قبل الفجر بنصف ساعة في الليلة الثالثة، ويمكنك القراءةُ من المصحف أثناء الصلاة.

• ابدأ بالمحافظة على السُّنن الراتبة: 2 قبل الفجر، 4 قبل الظهر، 2 بعد الظهر، 2 بعد المغرب، 2 بعد العشاء، صلاة الضحى بين الشروق والظهر، صلاة الوتر بعد العشاء إلى الفجر.

• حاولِ الحفاظَ على قراءة الورد القرآني بعد الفجر حتى الشروق، وصلِّ ركعتي الضحى؛ فثوابُ هذا الأمر يَعدِل حَجَّةً وعُمْرةً، حاولْ أن تفعلها مرةً في الأسبوع (يوم الإجازة مثلاً)، كبداية.

• حاول أن تنظِّم برنامجك الغذائي؛ ليكون صحيًّا، لا لتأكل كثيرًا؛ ليكون رمضان كما أراده الله شهرًا له، لا شهرَ طعام.

• ابدأ بصلة الرَّحم، وأعطِها كلَّ تركيزك: زيارة، تليفون، e-mail...

• حاول أن تكون الهدايا مفيدةً، وكفانا هدايا الطعام.

• ابحث عن أصدقائك، واتصل بهم، اجعل حديثك مع الجميع حول رمضان، والاستعداد له.

• ركِّز في شهر شعبان على ذنبٍ تجاهدُ نفسَك على الإقلاع عنه، ويكون ذلك هدفًا لك، ولا ترجع إليه مرة أخرى.

• الدعاء والتوبة.

• ليلة رمضان عشاء جماعي للأسرة.

• جهِّز شنطة رمضان، أو ساهم في تجهيز وجبات للعائلات الفقيرة.

• في ليلة الرؤية، اجمع عائلتك أو أصدقاءك على عشاء، وانتظِروا ظهور الرؤية معًا.

• أدخِلِ السرورَ على أطفالك - وعَلِّمْهم أن شهر رمضان له طعم خاص - بتعليق الزينة، وشراء الفوانيس؛ ابتهاجًا برمضان.

بلَّغَنا اللهُ وإياكم رمضانَ، وأعانَنا على صيامه وقيامه، وتقبَّلَه منا، اللهم آمين.




موقع الألوكة

khaledbelal
07-11-2011, 05:22 PM
جزاكم الله خيرا

المشتاقة للجنة
07-19-2011, 07:52 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الرحمن خيرا اخيتي في ميزان حسناتك
و كل عام وانت بخير

Nermeen
07-19-2011, 07:58 PM
بارك الله بكما وجزاكما خيرا
وكل عام والجميع بخير
تقبل الله صيامكم وطاعاتكم والصالح من اعمالكم
وجعلكم من العايدين