عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 10-28-2010, 03:38 AM
الصورة الرمزية Nermeen
Nermeen Nermeen غير متواجد حالياً

مراقبة عامة

 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,150
افتراضي


قال تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [سورة الأعراف: 55].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: 'المَشْرُوعُ للإنسان أن يدعو بالأدعية المأثورة؛ فإن الدُّعَاءَ من أفضل العبادات، وقد نَهَانَا الله عن الاِعْتِدَاءِ فيه، فينبغي لنا أن نَتَبِعَ ما شُرِّعَ وسُنَّ، كما أنه ينبغي لنا ذلك في غيره من العبادات، والذي يَعْدِلُ عن الدُّعَاءِ المُشْرُوعِ إلى غيره، الأحْسَنُ له أن لا يَفُوتَهُ الأكْمَلُ والأفْضَلُ، وهي الأدْعِيَةِ النَّبَوِيَّةِ، فإنَّها أفْضَلُ وأكْمَلُ باتفاق المسلمين من الأدعية التي ليست كذلك وإن قالها بعض الشيوخ، فكيف وقد يكون في عَيْنِ الأدعية ما هو خطأ أو إثم أو غير ذلك؟!'.

قال الشيخ علي الحذيفي: 'حقيقة الدعاءِ تَعْظِيمُ الرَّغْبَةِ إلى الله في قضاءِ الحاجاتِ الدُنْيِوِيَةِ والأخْرَوِيَةِ، وكَشْفِ الكُرُبَاتِ ودَفْعِِ الشُّرُورِ والمَكْرُوهَاتِ الدُّنيوية والأخْرَوِيَةِ'.

فلنتذكر ولنستشعر أنّنا ضعفاء أذلاء لا حول لنا ولا قوة إلاّ بخالقنا، فمن اعتمد على قوته خاب ومن اعتمد على ذكائه خسر ومن استكبر وعتا بنفسه ضل، فلنجعل الحبل مع الله ممدود والقرب منه وإليه موصول وبحبه والعمل لمرضاته الفؤاد مشغول.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يُغْنِي حَذَرٌ مِنْ قَدْرٍ، والدُّعَاءُ يَنْفَعُ مِمَّا نَزَلَ ومِمَّا لَمْ يَنْزِلْ، وإنَّ البَلاَء َلَيَنْزِل، فَيَتَلَقَّاهُ الدُّعَاءُ، فَيَعْتَلِجَانِ إلى يَوْمِ القِيَامَةِ» [صحيح الجامع].

قال ابن القيم: 'الدُّعَاءُ من أنفع الأدوية، وهو عدو البلاء يُدَافِعُهُ ويُعَالِجُهُ ويَمْنَعَ نُزُولُهُ ويَرْفَعُهُ أو يُخَفِفُهُ إذا نَزَلَ، وهو سِلاَحُ المؤمن'.

وهذا ممّا يدعونا للتمسك بهذه العبادة الجليلة فهي سنة الأنبياء من قبلنا وطريق من طرق الوصول للقوي العزيز، قال سبحانه: {هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء} [سورة آل عمران: 38].
وقال: {وَنُوحاً إِذْ نَادَى مِن قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ} [سورة الأنبياء: 76].

وممّا استشرى وانتشر ممّا نشاهده من كثرة الحوادث والمصائب التي تلم بالعباد وكثرة الأوجاع والأسقام وامتلاء المستشفيات والمصحات، ومع ذلك نرى من الجحود العجب العجاب، فكما قال تعالى: {وَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِداً أَوْ قَآئِماً فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَّسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [سورة يونس: 12].

ولم أجد كلمات أكتبها أوفى مما ذكر في التفسير الميسرللآية إذ قال:
'وإذا أصاب الإنسانَ الشدةُ استغاث بنا ـ أي بالله ـ في كشف ذلك عنه مضطجعًا لجنبه أو قاعدًا أو قائمًا، على حسب الحال التي يكون بها عند نزول ذلك الضرِّ به. فلما كشفنا عنه الشدة التي أصابته استمرَّ على طريقته الأولى قبل أن يصيبه الضر، ونسي ما كان فيه من الشدة والبلاء، وترك الشكر لربه الذي فرَّج عنه ما كان قد نزل به من البلاء، كما زُيِّن لهذا الإنسان استمراره على جحوده وعناده بعد كشف الله عنه ما كان فيه من الضر، زُيِّن للذين أسرفوا في الكذب على الله وعلى أنبيائه ما كانوا يعملون من معاصي الله والشرك به'.

فلنعد الشحن الايماني والتأمل فممّا سبق رأينا كيف دعا موسى وهارون وزكريا عليهم وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم التسليم هذا وهم المرسلون، وهذا خليل الرحمن يقول في كتاب الله: {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء} [سورة إبراهيم: 40].
فيرجو ربه بقبول الدعاء، فكيف بنا نحن، والله إنّنا لخاسرون إن لم نلجأ لربنا وحده فهو المولى والنصير والعزيز والقدير.

فمن كرمه سبحانه قوله: {وَيَدْعُ الإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولاً} [سورة الإسراء:11].

فيذكر التفسير الميسر فيها الآتي: 'يدعو الإنسان أحيانًا على نفسه أو ولده أو ماله بالشر، وذلك عند الغضب، مثل ما يدعو بالخير، وهذا من جهل الإنسان وعجلته، ومن رحمة الله به أنّه يستجيب له في دعائه بالخير دون الشر؛ لأنّه يعلم منه عدم القصد إلى إرادة ذلك، وكان الإنسان بطبعه عجولا'.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَيْسَ شَيْءٌ أكْرَمَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ الدُّعَاءِ» [رواه الترمذي في صحيحه].

واعلم أنّ الإخلاص من أصل الأعمال وقبولها، فلا تدعو الله بقلب خال أجوف تكرر كلاما حفظته دون أن تستحضر قلبك وما وعيته.

{فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [سورة غافر: 14].

قال الإمام المناوي: 'أي لا يَعْبَأ ـ سبحانه ـ بسؤال سائلٍ غَافِلٍٍ عن الحضور مع مولاه، مَشْغُوفٌ بما أهَمَّهُ من دُنْيَاهُ... والتَّيَقُظُ والجَدُّ في الدُّعَاءِ من أعظم آدابه'. ثم نقل عن الفخر الرازي أنّه قال: 'أجمعت الأمَّةُ على أن الدُّعَاءَ اَلْلِسَانِيّ الخَالِي عَنْ الطَّلَبِ النَّفْسَانِي قَلِيلُ النَّفْعِ عَدِيمُ الأثَرِ'.

وقال النووي: 'اعلم أنّ مقصود الدُّعَاء هو حضور القلب، والدلائل عليه أكثر من أن تُحْصَرَ والعلم به أوضح من أن يُذْكَر'.

وقال البيهقي في شُعَبِ الإيمان: 'أنَّ الدُّعَاءَ له أركان منها: أن يَسْألَ مَا يَسْألَ بِجِدٍ وحَقِيَقةٍ، ولا يأخذ دُعَاءً مُؤلَفاً يَسْرُدُهُ سَرْداً وهو عن حَقَائِقِهِ غَافِلٌ'.
وأورد في الشُّعَبِ عن أبي بكر الشَّلَبي أنّه قال في قوله عَـزَّ وَجَلَّ {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أسْتَجِبْ لَكُمْ} [سورة غافر: 60]، قال: 'اُدْعُونِي بِلاَ غَفْلَةٍ أسْتَجِبْ لَكُمُ بِلاَ مُهْلَةٍ'.

وقال ابن رجب الحنلي: 'الدُّعَاءُ سَبَبٌ مُقْتَضٍٍ للإجابة مع استكمال شرائطه وانتفاء موانعه، وقد تَتَخَلَّف إجابته لانتفاء بعض شروطه أو وجود بعض موانعه، ومن أعظم شرائطه حضور القلب، ورجاء الإجابة من الله تعالى'. أ. هـ.

ولتتنبه لأسباب قبول الدعاء من تحر للمأكل الحلال وترك الذنوب وسيء الأفعال وفعل الصالحات من الأعمال.

بعد سرد ما فات وسبق، فلتقرأ الحديث التالي معي ولتستشعره جليا فما أكرم الخالق المصور البارىء الكريم المتعال.
«إنّ ربكم حيي كريم يستحيي من عبده أن يرفع إليه يديه فيردهما صفرا» أو قال: «خائبتين» [الراوي: سلمان - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: الألباني - المصدر: صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 3131].

فهل ما زلت تقلل من قيمة الدعاء أو تتكاسل أو حتى تتناساه!!

ولكن لتنتبه فالدعاء وحده لا يكفي، بل ينبغي له من أسباب تبذلها وينبغي له من أعمال تعملها.

ادعو الله فليس أيسر ولا أجل منها عبادة تقدر على القيام بها بكل حال..

ادعو الله في ثلث الليل الأخير، ادعوه بين الأذان والإقامة، ادعوه قبل غروب الجمعة، ادعوه وقت نزول المطر، ادعوه في الرخاء يعرفك في الشدة، ادعوه في السفر والحضر، عود قلبك ولسانك الدعاء ولا تفتر.

أسأل الله لي ولك أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته هو ولي ذلك والقادر عليه.

ونذكر فيما يلي بعض الدعوات من القرآن الكريم والسنة المطهرة.

بعض الدُّعَاءُ مِنَ القُرْآنِ الكَرِيمِ

دعاء نبي الله نوح عليه السلام:
{رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ تَبَارًا} [سورة نوح: 28].

دُعَاءُ نبي الله مُوسَى عَلَيْهِ اَلْسَّلاَمُ:
{فَخَـرَجَ مِنْهَا خَائِفًـا يَتَرَقَّـبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَـوْمِ الظَّالِمِيـنَ} [سورة القصص: 21].

دعوة نبي الله يونس عليه السلام:
قال تعالى: {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أنْتَ سُبْحَانَكَ إنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} [سورة الأنبياء:87-88].

دُعَاءُ نبي الله أيِّوُبٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ:
قال تعالى: {وَأيُّوبَ إذْ نَادَى رَبَّهُ أنِّي مَسَّنِيَ الضُّـرُّ وَأنْتَ أرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [سورة الأنبياء: 83].

دعاء نبي الله لوط عليه السلام:
{قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ} [سورة العنكبوت: 30].

دعاء نبي الله سليمان عليه السلام:
{رَبِّ أوْزِعْنِي أنْ أشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأنْ أعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} [سورة النمل: 19].

دعاء نبي الله يوسف عليه السلام:
{رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأوِيلِ الأحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ أنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَألْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} [سورة يوسف: 101].

دعاء نبي الله زكريا عليه السلام:
{هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ} [سورة آل عمران: 38].

من دعاء نبي الله إبراهيم عليه السلام:
{رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إنَّكَ أنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [سورة الممتحنة: 5].

من دعاء نبي الله إبراهيم عليه السلام:
{رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ (40) رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ} [سورة إبراهيم: 40-41].

دعاء المؤمنين من قوم موسى عليه السلام:
{فَقَالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (85) وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [سورة يونس: 85-86].

دعاء عِباَدُ الرحمن:
{وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [سورة الفرقان:74].

دعاء أصحاب الكهف:
{إذْ أوَى الْفِتْيَةُ إلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أمْرِنَا رَشَدًا} [سورة الكهف: 10].

دعاء المجاهدين في سبيل الله تعالى:
{وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإسْرَافَنَا فِي أمْرِنَا وَثَبِّتْ أقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [سورة آل عمران: 147].

الدعاء للمؤمنين بالمغفرة وللنفس بسلامة الصدر:
{وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإيمَـانِ وَلا تَجْعَـلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيـمٌ} [سورة الحشر: 10].


يتبــــــــــــــع


توقيع : Nermeen


**************************************


اللهم إني استودعتك قلبي فلا تجعل فيه أحدا سواك، واستودعتك لا اله إلا الله فلقني إياها قبل الموت وأثناء الموت، واللهم أصلح لنا نياتنا وأعمالنا وأجعلها فى ميزان حسناتناوضاعف لنا الأجر والحسنات بفضلك ومنتكِ يا اكرم الأكرمين يارب العالمين
{رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء }
اللهُم اقبُضني إليِّك غيرَمُضيِّعة ولا مُفرِّطة


رد مع اقتباس