عرض مشاركة واحدة
  #11  
قديم 07-11-2012, 05:11 AM
الصورة الرمزية أم عبد المنعم
أم عبد المنعم أم عبد المنعم غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2011
المشاركات: 1,256
افتراضي


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه, وبعد:
فإن هذا الدين الحنيف يحث على مكارم الأخلاق من عفة ومروءة وحسن خلق وصلة رحم ... وغيرها من الأخلاق التي عظم الشرع أجر من تحلى بها، ومن جملة هذه الأخلاق الكريمة خلق الصدق الذي أمر الله بالتحلي به فقال تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِين}.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " عليكم بالصدق...". الحديث.
وللصدق معانٍ كثيرة ولكن حديثنا هنا عن الصدق مع الله تعالى، قال ابن القيم رحمه الله تعالى: [ليس شيء أنفع للعبد من صدق ربه في جميع أموره، مع صدق العزيمة، فيصدقه في عزمه وفي فعله قال تعالى: { فَإِذَا عَزَمَ الأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم}
فسعادته في صدق العزيمة وصدق الفعل .... ومن صدق الله في جميع أموره صنع له فوق ما يصنع لغيره].أ.هـ.
وقد امتدح الله تعالى بعض عباده ووصفهم بالصدق، فقال عن عبده وخليله إبراهيم عليه السلام:
(وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَبِيّاً) (مريم:41)







" الصدق مع الله " أجل أنواع الصدق ، ويكون المسلم صادقاً مع ربِّه تعالى إذا حقَّق الصدق في جوانب ثلاثة : الإيمان والاعتقاد الحسَن ، والطاعات ، والأخلاق ، فليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي ، والصادق فيه هو من حققه على الوجه الذي أراده منه ربه تعالى ، ومنه الصدق في اليقين ، والصدق في النية ، والصدق في الخوف منه تعالى ، وليس كل من عمل طاعة يكون صادقا حتى يكون ظاهره وباطنه على الوجه الذي يحبه الله تعالى .
وقد بَينَّ الله تعالى الصادقين في آية واحدة ، وهي قوله عز وجل : (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْمَلَائِكَة وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْس)ِ ثم قال سبحانه بعد هذه الأوصاف كلها: (أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) البقرة/ 177 .

وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله :
( أُولَئِكَ ) أي : المتصفون بما ذُكر من العقائد الحسنة ، والأعمال التي هي آثار الإيمان ، وبرهانه ونوره ، والأخلاق التي هي جمال الإنسان وحقيقة الإنسانية : فأولئك هم ( الَّذِينَ صَدَقُوا ) في إيمانهم ؛ لأن أعمالهم صدَّقت إيمانهم ، ( وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ) لأنهم تركوا المحظور ، وفعلوا المأمور ؛ لأن هذه الأمور مشتملة على كل خصال الخير ، تضمناً ، ولزوماً ؛ لأن الوفاء بالعهد يدخل فيه الدين كله ، ولأن العبادات المنصوص عليها في هذه الآية : أكبر العبادات ، ومن قام بها : كان بما سواها أقوم ، فهؤلاء هم الأبرار ، الصادقون ، المتقون .
" تفسير السعدي " ( ص 83 ) .
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
ومن فوائد الآية : أن ما ذُكر هو حقيقة الصدق مع الله ، ومع الخلق ؛ لقوله تعالى : ( أولئك الذين صدقوا ) ؛ فصِدْقهم مع الله : حيث قاموا بهذه الاعتقادات النافعة : الإيمان بالله ، واليوم الآخر ، والملائكة ، والكتاب ، والنبيين ، وأنهم أقاموا الصلاة ، وآتوا الزكاة ، وبذلوا المحبوب في هذه الجهات ، وأما صدقهم مع الخلق : يدخل في قوله تعالى : ( والموفون بعهدهم إذا عاهدوا ) ، وهذا من علامات الصدق ، ولهذا قال تعالى : ( أولئك الذين صدقوا ) فصدقوا في اعتقاداتهم ، وفي معاملاتهم مع الله ، ومع الخلق .
" تفسير سورة البقرة " ( 2 / 293 ، 294 ) .





وانتظرونا مع شوق جديد من أشوق المشتاقين فى رمضان
دمتم بخير


توقيع : أم عبد المنعم


رد مع اقتباس