الموضوع: النفاق .....
عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 10-31-2010, 04:56 AM
الصورة الرمزية Nermeen
Nermeen Nermeen غير متواجد حالياً

مراقبة عامة

 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,150
افتراضي




سادسًا: صفات المنافقين في الكتاب والسنة:
1- مرض القلب:
قال الله تعالى: {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} [البقرة:10].
قال الطبري: "معنى قول الله جل ثناؤه: {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} إنما يعني: في اعتقاد قلوبهم الذي يعتقدونه في الدين والتصديق بمحمد صلى الله عليه وسلم وبما جاء به من عند الله مرض وسقم، فاجتزأ بدلالة الخبر عن قلوبهم على معناه عن تصريح الخبر عن اعتقادهم. والمرض الذي ذكر الله جل ثناؤه أنه في اعتقاد قلوبهم الذي وصفناه هو شكّهم في أمر محمد وما جاء به من عند الله وتحيّرهم فيه، فلا هم به موقنون إيقانَ إيمان، ولا هم له منكرون إنكار إشراك، ولكنهم كما وصفهم الله عز وجل مذبذبون بين ذلك، لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، كما يقال: فلان يُمَرِّضُ في هذا الأمر، أي: يُضَعِّف العزمَ ولا يصحّح الروِيَّة فيه".
قال ابن القيم: "قد نهكت أمراضُ الشّبهات والشهوات قلوبهم فأهلكتها، وغلبت القصودَ السيئة على إراداتهم ونياتهم فأفسدتها، ففسادهم قد ترامى إلى الهلاك، فعجز عنه الأطبّاء العارفون، {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ}"([2]).

2- الطمع الشهواني:
قال الله تعالى: {فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَض} [الأحزاب:32].
قال الطبري: "فيطمع الذي في قلبه ضعف، فهو لضعف إيمانه في قلبه، إما شاكّ في الإسلام منافق، فهو لذلك من أمره يستخفّ بحدود الله، وإما متهاون بإتيان الفواحش".
3- الزيغ بالشبه:
قال الله تعالى: {لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ} [الحج:53].
قال الطبري: "يقول: اختبارا يختبر به الذين في قلوبهم مرض من النفاق، وذلك الشكّ في صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم وحقيقة ما يخبرهم به.
4- التكبّر والاستكبار:
قال الله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُؤُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ} [المنافقون:5].
قال ابن كثير: "يقول تعالى مخبِرا عن المنافقين عليهم لعائن الله أنهم إذا قيل لهم: {إِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُؤُوسَهُمْ} أي: صدّوا واعرضوا عمّا قيل لهم استكبارا عن ذلك، واحتقارا لما قيل، ولهذا قال تعالى: {وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ}. ثم جازاهم على ذلك فقال تعالى: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَن يَّغْفِرَ اللهُ لَهُمْ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}".
5- الاستهزاء بآيات الله والجلوس إلى المستهزئين بآيات الله:
قال الله تعالى:{يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ} [التوبة: 64].
قال الطبري: "يقول تعالى ذكره: يخشى المنافقون أن تنزل فيهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم، يقول: تظهر المؤمنين على ما في قلوبهم. وقيل: إن الله أنزل هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن المنافقين كانوا إذا عابوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكروا شيئا من أمره وأمر المسلمين قالوا: لعلّ الله لا يفشي سرّنا، فقال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم: قل لهم: {اسْتَهْزِئُوا}، متهدِّدا لهم متوعّدا، {إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ}.
وقال الله تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا} [النساء:140].
6- الاستهزاء بالمؤمنين:
قال الله تعالى: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ % اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} [البقرة:14-15].
قال ابن القيم: "لكل منهم وجهان: وجه يلقى به المؤمنين، ووجه ينقلب به إلى إخوانه من الملحدين، وله لسانان: أحدهما يقبله بظاهره المسلمون، والآخر يترجم به عن سرّه المكنون، {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ}.
قد أعرضوا عن الكتاب والسنّة استهزاءً بأهلهما واستحقارًا، وأبوا أن ينقادوا لحكم الوحيين فرحًا بما عندهم من العلم الذي لا ينفع الاستكثار منه إلا أشرًا واستكبارًا، فتراهم أبدًا بالمتمسكين بصريح الوحي يستهزئون {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ}".
7- الظن السيئ بالله تعالى:
قال الله تعالى: {وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [الفتح:6].
8- عدم الثقة بوعد الله تعالى ووعد رسوله صلى الله عليه وسلم:
قال الله تعالى: {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا} [الأحزاب:12].
9- صدّ الناس عن الإنفاق في سبيل الله:
قال الله تعالى: {هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ} [المنافقون:7].
عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: كنت في غزاة، فسمعت عبد الله بن أبيّ يقول: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضّوا من حولِه، ولئن رجعنا من عنده ليخرجنّ الأعزّ منها الأذلّ، فذكرت ذلك لعمّي أو لعمر، فذكره للنبي صلى الله عليه وسلم، فدعاني فحدّثته، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عبد الله بن أبيّ وأصحابه فحلفوا ما قالوا، فكذّبني رسول الله صلى الله عليه وسلم وصدّقه، فأصابني همّ لم يصبني مثلُه قطّ، فجلست في البيت فقال لي عمّي: ما أردت إلى أن كذبك رسول الله صلى الله عليه وسلم ومقتك، فأنزل الله تعالى: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ}. فبعث إليّ النبي صلى الله عليه وسلم، فقرأ، فقال: ((إن الله قد صدقك يا زيد)).
10- التستّر ببعض الأعمال المشروعة للإضرار بالمؤمنين:
قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاّ الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} [التوبة:107].
11- التفريق بين المؤمنين والدّسّ والوقيعة وإشعال نار الفتنة واستغلال الخلافات وتوسيع شقّتها والإفساد في الأرض وادعاء الإصلاح:
قال الله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ} [البقرة:11].
قال الطبري: "وهذا القول من الله جلّ ثناؤه تكذيب للمنافقين في دعواهم؛ إذا أمروا بطاعة الله فيما أمرهم الله به ونهوا عن معصية الله فيما نهاهم الله عنه قالوا: إنما نحن مصلحون لا مفسدون، ونحن على رشد وهدى فيما أنكرتموه علينا دونكم لا ضالّون، فكذّبهم الله عز وجل في ذلك من قيلهم، فقال: {أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ} المخالفون أمرَ الله عز وجل، المتعدّون حدودَه، الراكبون معصيتَه، التاركون فروضَه، وهم لا يشعرون، ولا يدرون، أنهم كذلك، لا الذين يأمرونهم بالقسط من المؤمنين، وينهونهم عن معاصي الله في أرضه من المسلمين"
12- السفه ورمي المؤمنين بالسفه:
قال الله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لا يَعْلَمُونَ} [البقرة:13].
قال الطبري: "هذا خبر من الله تعالى عن المنافقين الذين تقدّم نعته لهم ووصفه إياهم بما وصفهم به من الشك والتكذيب أنهم هم الجهّال في أديانهم، الضعفاء الآراء في اعتقاداتهم واختياراتهم التي اختاروها لأنفسهم، من الشكّ والريب في أمر الله وأمر رسوله وأمر نبوّته، وفيما جاء به من عند الله وأمر البعث؛ لإساءتهم إلى أنفسهم بما أتوا من ذلك، وهم يحسبون أنهم إليها يحسِنون، وذلك هو عين السفه؛ لأن السفيه إنما يفسِد من حيث يرى أنه يصلح، ويضيع من حيث يرى أنه يحفظ، فكذلك المنافق يعصي ربّه من حيث يرى أنه يطيعه، ويكفر به من حيث يرى أنه يؤمن به، ويسيء إلى نفسه من حيث يحسب أنه يحسن إليها، كما وصفهم به ربّنا جل ذكره، فقال: {أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ}، وقال: {أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ} دون المؤمنين المصدّقين بالله وبكتابه وبرسوله وثوابه وعقابه {وَلَكِنْ لا يَعْلَمُونَ}".
وقال ابن القيّم: "المتمسّك عندهم بالكتاب والسنّة صاحب ظواهر، مبخوس حظّه من المعقول، والدائر مع النصوص عندهم كحمار يحمِل أسفارا، فهمه في حمل المنقول، وبضاعة تاجر الوحي لديهم كاسدة، وما هو عندهم بمقبول، وأهل الاتباع عندهم سفهاء، فهم في خلواتهم ومجالسهم بهم يتطيرون، {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لا يَعْلَمُونَ}".
13- موالاة الكافرين:
قال الله تعالى: {بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا % الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا} [النساء:138-139].
قال الطبري: "يقول الله لنبيه: يا محمد، {بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ} الذين يتخذون أهل الكفر بي والإلحاد في ديني أولياء يعني أنصارا وأخلاّء من دون المؤمنين، يعني: من غير المؤمنين. {أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ} يقول: أيطلبون عندهم المنعة والقوة باتخاذهم إياهم أولياء من دون أهل الإيمان بي، {فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا} يقول: فإن الذين اتخذوهم من الكافرين أولياء ابتغاء العزة عندهم هم الأذلاء الأقلاء، فهلاّ اتخذوا الأولياء من المؤمنين، فيلتمِسوا العزّة والمنعة والنصرة من عند الله الذي له العزة والمنعة، الذي يعزّ من يشاء ويذلّ من يشاء، فيعزّهم ويمنعهم".
14- التربص بالمؤمنين:
قال الله تعالى: {الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً} [النساء:141].
قال الطبري: "يعني جل ثناؤه بقوله: {الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ} الذين ينتظرون ـ أيها المؤمنون ـ بكم، {فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ} يعني: فإن فتح الله عليكم فتحا من عدوكم، فأفاء عليكم فيئا من المغانم، {قَالُواْ} لكم {أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ} نجاهد عدوّكم، ونغزوهم معكم، فأعطونا نصيبا من الغنيمة، فإنا قد شهدنا القتال معكم، {وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ} يعني: وإن كان لأعدائكم من الكافرين حظ منكم بإصابتهم منكم {قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ} يعني: قال هؤلاء المنافقون للكافرين {أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ} ألم نغلب عليكم حتى قهرتم المؤمنين، ونمنعكم منهم بتخذيلنا إياهم، حتى امتنعوا منكم فانصرفوا، {فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} يعني: فالله يحكم بين المؤمنين والمنافقين يوم القيامة، فيفصل بينكم بالقضاء الفاصل بإدخال أهل الإيمان جنته، وأهل النفاق مع أوليائهم من الكفار نارَه.
وقال ابن القيم: "يتربّصون الدوائر بأهل السنة والقرآن، فإن كان لهم فتح من الله قالوا: ألم تكن معكم؟! وأقسموا على ذلك بالله جهد أيمانهم، وإن كان لأعداء الكتاب والسنة من النصرة نصيب قالوا: ألم تعلموا أنّ عقد الإخاء بيننا محكم، وأن النسب بيننا قريب؟! فيا من يريد معرفتهم، خُذ صفتهم من كلام ربّ العالمين، فلا تحتاج بعده دليلاً: {الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً}".
15- الاتفاق مع أهل الكتاب ضدّ المؤمنين والتولي في القتال:
قال الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ % لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ} [الحشر:11-12].
16- الطبع على القلوب فلا يفقهون:
قال الله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ} [محمد:16].
17- فتنة النفس والتربّص والاغترار بالأماني:
قال الله تعالى: {يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ} [الحديد:14].
18- مخادعة الله تعالى والكسل في العبادات والرياء في الطاعات وقلة ذكر الله:
قال الله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاّ قَلِيلاً} [النساء:142].
قال الطبري: "فتأويل ذلك: إن المنافقين يخادعون الله بإحرازهم بنفاقهم دماءَهم وأموالهم، والله خادعهم بما حكم فيهم من منع دمائهم بما أظهروا بألسنتهم من الإيمان، مع علمه بباطن ضمائرهم واعتقادهم الكفر، استدراجا منه لهم في الدنيا، حتى يلقوه في الآخرة فيوردهم بما استبطنوا من الكفر نار جهنم.
وأما قوله: {وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ} فإنه يعني أن المنافقين لا يعملون شيئا من الأعمال التي فرضها الله على المؤمنين على وجه التقرّب بها إلى الله، لأنهم غير موقنين بمعاد ولا ثواب ولا عقاب، وإنما يعملون ما عملوا من الأعمال الظاهرة بقاء على أنفسهم، وحذارا من المؤمنين عليها أن يقتلوا أو يسلبوا أموالهم، فهم إذا قاموا إلى الصلاة التي هي من الفرائض الظاهرة قاموا كسالى إليها رياء للمؤمنين؛ ليحسبوهم منهم، وليسوا منهم؛ لأنهم غير معتقدي فرضها ووجوبها عليهم، فهم في قيامهم إليها كسالى.
وأما قوله: {وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاّ قَلِيلاً} فلعل قائلا أن يقول: وهل من ذكر الله شيء قليل؟! قيل له: إن معنى ذلك بخلاف ما إليه ذهبت، إنما معناه: ولا يذكرون الله إلا ذكرا رياء؛ ليدفعوا به عن أنفسهم القتل والسباء وسلب الأموال، لا ذكر موقن مصدّق بتوحيد الله، مخلص له الربوبية؛ فلذلك سماه الله قليلا؛ لأنه غير مقصود به الله، ولا مبتغى به التقرب إلى الله، ولا مرادا به ثواب الله وما عنده، فهو وإن كثر من وجه نصب عامله وذاكره في معنى السراب الذي له ظاهر بغير حقيقة ماء".
وقال ابن القيم: "لهم علامات يعرفون بها مبيّنة في السنة والقرآن، بادية لمن تدبّرها من أهل بصائر الإيمان، قام بهم ـ والله ـ الرياء، وهو أقبح مقام قامه الإنسان، وقعد بهم الكسل عما أمروا به من أوامر الرحمن، فأصبح الإخلاص عليهم لذلك ثقيلا {وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاّ قَلِيلاً}".
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ليس صلاة أثقل على المنافقين من الفجر والعشاء، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا. لقد هممت أن آمر المؤذن فيقيم، ثم آمر رجلا يؤم الناس، ثم آخذ شعلاً من نار فأحرق على من لا يخرج إلى الصلاة بعد).
قال ابن حجر: "وإنما كانت العشاء والفجر أثقل عليهم من غيرهما؛ لقوة الداعي إلى تركهما؛ لأن العشاء وقت السكون والراحة، والصبح وقت لذة النوم".
19- التّذبذب والتردّد بين المؤمنين والكافرين:
قال الله تعالى: {مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لا إِلَى هَؤُلاءِ وَلا إِلَى هَؤُلاء} [النساء:143].
قال الطبري: "عنى بذلك أن المنافقين متحيّرون في دينهم، لا يرجعون إلى اعتقاد شيء على صحّة، فهم لا مع المؤمنين على بصيرة، ولا مع المشركين على جهالة، ولكنّهم حيارى بين ذلك".
وعن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مثل المنافق كمثل الشاة العائرة بين الغنمين، تعير إلى هذه مرة وإلى هذه مرة)).
قال النووي: "العائرة: المتردّدة الحائرة، لا تدري لأَيِّهِمَا تتبع، ومعنى تعير أي: تردّد وتذهب".
20- مخادعة المؤمنين:
قال الله تعالى: {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاّ أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ} [البقرة:9].
قال الطبري: "وخداع المنافق ربّه والمؤمنين إظهاره بلسانه من القول والتصديق خلاف الذي في قلبه من الشكّ والتكذيب؛ ليدْرَأ عن نفسه بما أظهر بلسانه حكمَ الله عز وجل اللازم من كان بمثل حاله من التكذيب، لو لم يظهر بلسانه ما أظهر من التصديق والإقرار من القتل والسباء، فذلك خِداعُه ربّه وأهلَ الإيمان بالله.
وقال ابن كثير: "أي: بإظهارهم ما أظهروه من الإيمان مع إسرارهم الكفر، يعتقدون بجهلهم أنهم يخدعون الله بذلك، وأن ذاك نافعهم عنده، وأنه يروج عليه كما قد يروج على بعض المؤمنين، كما قال تعالى: {يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ ٱللَّهِ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَىٰ شَىْء أَلاَ إِنَّهُمْ هُمُ ٱلْكَـٰذِبُونَ} [المجادلة:18]، ولهذا قابلهم على اعتقادهم ذلك بقوله: {وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاّ أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ} يقول: وما يغرّون بصنيعهم هذا ولا يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون بذلك من أنفسهم كما قال تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ}".
21- التحاكم إلى الطاغوت والصدود عما أنزل الله و عدم الرضا بالتحاكم إليه:
قال الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيدًا % وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا} [النساء:60-61].
قال ابن القيم: "إن حاكمت المنافقين إلى صريح الوحي وجدتهم عنه نافرين، وإن دعوتهم إلى حكم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم رأيتهم عنه معرضين، فلو شهدت حقائقهم لرأيت بينها وبين الهدى أمدا بعيدا، ورأيتها معرضة عن الوحي إعراضا شديدا، {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا}".
22- الإفساد بين المؤمنين:
قال الله تعالى: {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلاّ خَبَالاً وَلأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} [التوبة:47].
قال ابن كثير: "{لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلاّ خَبَالاً} أي: لأنهم جبناء مخذولون، {وَلأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ} أي: ولأسرعوا السير والمشي بينكم بالنميمة والبغضاء والفتنة، {وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ} أي: مطيعون لهم، ومستحسنون لحديثهم وكلامهم، يستنصحونهم وإن كانوا لا يعلمون حالهم، فيؤدّي إلى وقوع شرّ بين المؤمنين وفساد كبير".
23- الحلف الكاذب والخوف والجبن والهلع:
قال الله تعالى: {وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ % لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَئاً أَوْ مَغَـٰرَاتٍ أَوْ مُدَّخَلاً لَّوَلَّوْاْ إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ} [التوبة:56، 57].
قال ابن كثير: "يخبر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم عن جزعهم وفزعهم وفرقهم وهلعهم أنهم {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ } يمينا مؤكّدة، {وَمَا هُمْ مِنْكُمْ} أي: في نفس الأمر، {وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ} أي: فهو الذي حملهم على الحلف. {لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَئاً} أي: حصنا يتحصنون به، وحرزا يتحرزون به، {أَوْ مَغَـٰرَاتٍ} وهي التي في الجبال، {أَوْ مُدَّخَلاً} وهو السرب في الأرض والنفق... {مُدَّخَلاً لَّوَلَّوْاْ إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ} أي: يسرعون في ذهابهم عنكم؛ لأنهم إنما يخالطونكم كرها لا محبة، وودّوا أنهم لا يخالطونكم، ولكن للضرورة أحكام، ولهذا لا يزالون في هم وحزن وغم؛ لأن الإسلام وأهله لا يزال في عزّ ونصر ورفعة، فلهذا كلّما سرّ المسلمون ساءهم ذلك فهم يودّون أن لا يخالطوا المؤمنين ولهذا قال: {لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَئاً أَوْ مَغَـٰرَاتٍ أَوْ مُدَّخَلاً لَّوَلَّوْاْ إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ}".
وقال الله تعالى: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ % اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ % ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ} [المنافقون:1-3].
قال الشافعي: "فبيّن في كتاب الله عز وجل أن الله أخبر عن المنافقين أنهم اتخذوا أيمانهم جُنَّة يعني ـ والله أعلم ـ من القتل، ثم أخبر بالوجه الذي اتخذوا به أيمانهم جُنَّة فقال: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا} بعد الإيمان كفرًا إذا سئلوا عنه أنكروه، وأظهروا الإيمان وأقروا به، وأظهروا التوبة منه، وهم مقيمون فيما بينهم وبين الله تعالى على الكفر".
وقال ابن القيم: "تسبق يمين أحدهم كلامَه من غير أن يعترض عليه؛ لعلمه أن قلوب أهل الإيمان لا تطمئن إليه، فيتبرأ بيمينه من سوء الظن به، وكشف ما لديه، وكذلك أهل الريبة يكذبون ويحلفون؛ ليحسب السامع أنهم صادقون {اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}".
وقال الله تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} [المنافقون:4].
قال الطبري: "يقول جل ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وإذا رأيت هؤلاء المنافقين ـ يا محمد ـ تعجبك أجسامهم؛ لاستواء خلقها وحسن صورها، {وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ} يقول جل ثناؤه: وإن يتكلموا تسمع كلامهم، يشبه منطقهم منطق الناس، {كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ} يقول: كأن هؤلاء المنافقين خشب مسندة، لا خير عندهم، ولا فقه لهم، ولا علم، وإنما هم صور بلا أحلام، وأشباح بلا عقول، وقوله: {يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ} يقول جل ثناؤه: يحسب هؤلاء المنافقون من خبثهم وسوء ظنهم وقلة يقينهم كلّ صيحة عليهم؛ لأنهم على وجل أن ينزل الله فيهم أمرا يهتك به أستارهم ويفضحهم، ويبيح للمؤمنين قتلهم وسبي ذراريهم وأخذ أموالهم، فهم من خوفهم من ذلك كلما نزل بهم من الله وحي على رسوله ظنوا أنه نزل بهلاكهم بالأسن.
وقال ابن القيم: "أحسن الناس أجسامًا وأخلبهم لسانًا وألطفهم بيانًا وأخبثهم قلوبًا وأضعفهم جنانًا، فهم كالخشب المسندة التي لا ثمر لها، قد قلعت من مغارسها فتساندت إلى حائط يقيمها؛ لئلا يطأها السالكون، {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ}".
24- يحبون أن يحمَدوا بما لم يفعلوا:
قال الله تعالى: {لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [آل عمران:188].
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: إن رجالا من المنافقين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الغزو تخلّفوا عنه، وفرحوا بمقعدهم خلاف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتذروا إليه، وحلفوا وأحبّوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا، فنزلت: {لا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا}


توقيع : Nermeen


**************************************


اللهم إني استودعتك قلبي فلا تجعل فيه أحدا سواك، واستودعتك لا اله إلا الله فلقني إياها قبل الموت وأثناء الموت، واللهم أصلح لنا نياتنا وأعمالنا وأجعلها فى ميزان حسناتناوضاعف لنا الأجر والحسنات بفضلك ومنتكِ يا اكرم الأكرمين يارب العالمين
{رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء }
اللهُم اقبُضني إليِّك غيرَمُضيِّعة ولا مُفرِّطة


رد مع اقتباس