عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 12-27-2009, 07:18 PM
حامل الراية حامل الراية غير متواجد حالياً

عضو فعال

 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
المشاركات: 78
افتراضي

الوجه الرابع :

قوله تعالى : ( قل هذه سبيلى أدعو إلى الله على بصيرة وأنا ومن أتبعنى ) فأخبر سبحانه أن من اتبع الرسول يدعو إلى الله على بصيرة ، ومن دعا إلى الله على بصيرة وجب اتباعه ، لقوله تعالى فيما حكاه عن الجن ورضيه : ( ياقومنا أجيبو داعى الله )0


الوجه الخامس :

قوله سبحانه وتعالى : ( قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى ) قال ابن عباس فى رواية أبى مالك : هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، والدليل عليه قوله تعالى : ( ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا ) وحقيقة الاصطفاء افتعال من التصفية ، فيكون قد صفاهم من الاكدار ، والخطأ من الاكدار ، فيكونون مصفين منه ، ولاينتقض هذا بما إذا إختلفوا ، لإن الحق لم يعدهم ، ولايكون قول بعضهم كدراً لن مخالفة الكدر وبيانه يزيل كونه كدراً0

الوجه السادس :

أن الله سبحانه شهد أنهم أتوا العلم ، بقوله تعالى : ( ويرى اللذين أتوالعلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق ) وقوله : ( حتى إذا خرجوا من عندك قالوا للذين اتو العلم ماذا قال آنفاًُ )وقوله : (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات ) واللام فى العلم ليست للاستغراق ، وإنما هى للعهد ، اى العلم الذى بعث الله به نبيه صلى الله عليه وسلم ، وإذا كانوا قد أتوا هذا العلم ، كان اتباعهم واجباً0

الوجه السابع :

قوله تعالى : ( كنتم خير أمة أخرجت للناس ) الآية شهد لهم سبحانه أنهم يأمرون بكل معروف ، وينهون عن كل منكر ، فلو كانت الحادثة فى زمانهم لم يفت فيها إلا من اخطأ منهم ، لم يكن أحد منهم قد أمر فيها بمعروف ، ولانهى عن منكر ، إذ الصواب معروف ، والخطأ منكر من بعض الوجوه ، ولولا ذلك لما صح التمسك بهذه الآية على أن الإجماع حجة 0

الوجه الثامن :

قوله تعالى : ( يأيها اللذين آمنو اتقوا الله وكونوا مع الصادقين)
قال غير واحد من السلف : هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، ولاريب أنهم أئمة الصادقين ، وكل صادق بعدهم فبهم يأتم في صدقه ، بل حقيقه صدقه اتباعه لهم وكونه معهم ، ومعلوم ان من خالفهم فى شيء وإن وافقهم فى غيره لم يكن معهم فيما خالفهم فيه ، فتنفي عنه المعية المطلقة ، وإن ثبت له قسط من المعية فيما وافقهم فيه ، فلايصدق عليه أنه معهم بهذا القسط ، وهذا كما نفى الله ورسوله الإيمان المطلق عن الزاني والشارب والسارق ، وهذا كما أن اسم الفقيه والعالم عند الإطلاق لايقال لمن معه مسألة اومسالتان ، وإن قيل : معه شيء من العلم 0 ففرق بين المعية المطلقة ومطلق المعية ، ومعلوم أن المأمور به الأول لاالثانى ، فإن الله سبحانه لم يرد منا ان نكون معهم فى شيء من الاشياء ، وأن نحصل من المعية مايصدق عليه الاسم ، وهذا غلط عظيم فى فهم مراد الرب من أوامره ، فإذا أمرنا بالتقوى والبر والصدق والعفة والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والجهاد ونحو ذلك ، لم يرد أن ناتى من ذلك بأقل مايطلق عليه الاسم 0

الوجه التاسع :

قوله تعالى : ( وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا ) ووجه الاستدلال بالآية أنه سبحانه وتعالى اخبر أنه جعلهم أمة خيارا عدلاً ، هذا حقيقة الوسط ، فهم خير الأمم واعدلها فى أقوالهم وأعمالهم وإراداتهم ونياتهم ، وبهذا استحقوا أن يكونوا شهداء للرسل على اممهم يوم القيامة ، والله سبحانه يقبل شهادتهم عليهم فهم شهداؤه ، ولهذا نوه بهم ، ورفع ذكرهم ، واثنى عليهم ، لأنه سبحانه لما اتخذهم شهداء أعلم خلقه من الملائة وغيرهم بحال هؤلاء الشهداء ، وأمر ملائكته ان تصلى عليهم ، وتدعو لهم ، وتستغفر لهم ، والشاهد المقبول عند الله هو الذى يشهد بعلم وصدق ، فخبر بالحق ، مستندا إلى علمه به ، كما قال تعالى : ( إلا من شهد بالحق وهم يعلمون ) فقد يخبر الإنسان بالحق اتفاقاً من غير علمه به ، وقد يعلمه ولايخبر به ، فالشاهد المقبول عند الله هو الذى يخبر به عن علم ، فلو كان علمهم أن يفتي أحدهم بفتوى وتكون خطأًً مخالفة لحكم الله ورسوله ، ولايفتي غيره بالحق ، كانت هذه الأمة العدل قد أطبقت على خلاف الحق ، بل انقسموا قسمين : قسما افتى بالباطل ، وقسماً سكت 0

الوجه العاشر :

قوله تبارك وتعالى : ( وجاهدوا فى الله حق جهاده هو اجتباكم وماجعل عليكم فى الدين من حرج مله ابيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيداًعليكم وتكونوا شهداء على الناس )
الآية ، فأخبر سبحانه وتعالى أنه اجتباهم ، والأجتباء كالاصطفاء ، وهو افتعال من جبى الشيء يجبيه إذا ضمه إليه ، فهم الذين اجتباهم الله إليه وجعلهم أهله وخاصته ، ولهذا أمرهم سبحانه ان يجاهدوا فيه حق جهاده فيبذلوا له انفسهم ، ويفردوه بالمحبة والعبودية ، ويختاروه وحده إلها معبوداً محبوبا على كل ماسواه كما اختارهم على من سواهم ، ثم أخبر سبحانه أنه يسر عليهم دينه غايه التيسير ، ولم يجعل عليهم من حرج ألبتة ، لكمال محبته لهم ورأفته ورحمته وحنانه بهم ، ثم أمرهم بلزوم ملة إمام الحنفاء ابيهم إبراهيم ، وهى إفراده سبحانه وحده بالعبودية والتعظيم والحب والخوف والتوكل والإنابه والتفويض والاستسلام فيكون تعلق ذلك من قلوبهم به وحده لابغيره ، ثم اخبر سبحانه انه نوه بهم وأثنى عليهم قبل وجودهم ، وسماهم عباده المسلمين قبل ان يظهرهم ، ثم نوه بهم ، وسماهم كذلك بعد أن أوجدهم اعتناء بهم ، ورفعة لشأنهم ، وأعلاء لقدرهم ، ثم أخبر سبحانه انه فعل ذلك ليشهد عليهم رسوله ويشهدوا هم على الناس 0 فيكون مشهودا لهم بشهادة الرسول صلى الله عليه وسلم ، شاهدين على الأمم الجليلين ، ولهاتين الحكمتين العظيمتين 0
والمقصود : أنهم إذا كانوا بهذه المنزلة عنده سبحانه فمن المحال أن يحرمهم كلهم الصواب فى مسألة ، فيفتي بعضهم بالخطأً ، ولايفتي غيره بالصواب ، ويظفر به من بعدهم ، والله المستعان 0

الوجه الحادى عشر :

قوله تبارك وتعالى : ( ومن يعتصم بالله فقد هدى إلى صراط مستقيم ) أخبر سبحانه عن المعتصمين به أنهم قد هدوا إلى الحق ، والصحابة معتصمون بالله ، لقوله تعالى : ( واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير ) ومعلوم كمال تولى الله سبحانه لهم ونصره إياهم أتم نصر وهذا يدل على انهم اعتصموا به أتم اعتصام 0

الوجه الثانى عشر :

قوله تعالى عن اصحاب موسى : (وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون )،فأخبر سبحانه أنه جعل منهم أئمة يأتم بهم من بعدهم ، لصبرهم ويقينهم ، إذ بالصبر واليقين تنال الإمامة فى الدين ، فإن الداعى إلى الله لايتم له أمره إلا بيقينه للحق الذى يدعو إليه وبصيرته به ، وصبره على تنفيذ الدعوة إلى الله باحتمال مشاق الدعوة ، وكف النفس عما يوهن عزمه ، فمن كان بهذه المثابة كان من الأئمة الذين يهدون بأمره سبحانه ، وأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أحق وأولى بهذا الوصف من أصحاب موسى ، فهم أولى بمنصب هذه الإمامة 0

الوجه الثالث عشر :

قوله تبارك وتعالى ، ( واللذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذريتنا قرة أعين وأجعلنا للمتقين إماما ) وإمام بمعنى قدوة ، وهو يصلح للواحد والجمع ، كالأمة والأسوة ، وقد قيل : هو جمع آمم كصاحب وصحاب وراجل ورجال وتاجر وتجار ، وقيل : مصدر كقتال وضراب ، أى ذوى إمام ، والصواب الوجه الأول ، فكل من كان من المتقين وجب عليه أن يأتم بهم ، والتقوى واجبة فالإئتمام بهم واجب 0

الوجه الرابع عشر :

ماثبت عن النبى صلى الله عليه وسلم فى الصحاح أنه قال : " خير القرون القرن الذى بعثت فيه ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم " 0 فأخبر صلى الله وسلم ان خير القرون قرنه مطلقاً ، وذلك يقتضي تقديمهم فى كل باب من ابواب الخير ، وإلا لكانوا خيراً من بعض الوجوه ، فلا يكونون خير القرون مطلقا ، ثم هذا يتعدد فى مسائل عدة ، لان من يقول ليس بحجة ، يجوز عنده ان يكون من بعدهم اصاب فى كل مسألة قال فيها الصحابى قولاً ، ولم يخالفه صحابى آخر ، وهذا يأتى فى مسائل كثيرة تفوق العد والإحصاء 0

الوجه الخامس عشر :

ماروى مسلم فى صحيحه من حديث أبى موسى ، قال : صليت المغرب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلنا : لو جلسنا حتى نصلى معه العشاء ، فجلسنا ، فخرج علينا ،/ فقال " مازلتم ههنا " ؟ فقلنا: يارسول الله صلينا معك المغرب ، ثم جلسنا حتى نصلى معك العشاء ، قال " احسنتم وأصبتم " ورفع رأسه إلى السماء ، وكان كثيراً مايرفع رأسه إلى السماء فقال : " النجوم أمنة للسماء فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ماتوعد ، وأنا امنة لأصحابى ، فإذا ذهبت أتى أصحابى مايوعدون وأصحابى أمنة لأمتى ، فإذا ذهب أصحابى أتى أمتى مايوعدون " ووجه الاستدلال بالحديث انه جعل نسبة أصحابه إلى من بعدهم كنسبته إلى اصحابه ، ومعلوم ان هذا يعطى من وجوب الاهتداء بهم ماهو نظير اهتدائهم بنبيهم صلى الله عليه وسلم ، ونظير اهتداء أهل الارض بالنجوم 0
وأيضاً فإنه جعل بقاءهم بين الأمة امنة لهم وحرزاً من الشر وأسبابه 0

الوجه السادس عشر :

مارواه أبو عبد الله ابن بطة من حديث الحسن عن أنس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن مثل أصحابى فى أمتى كمثل الملح فى الطعام ، لايصلح الطعام إلا بالملح " قال الحسن : فقد ذهب ملحنا فكيف نصلح 0

وروى ابن بطة أيضاً بإسنادين إلى عبد الرزاق ، وأخبرنا معمر عمن سمع الحسن يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "مثل أصحابى فى الناس كمثل الملح فى الطعام " ثم يقول الحسن : هيهات ! ذهب ملح القوم 0
وقال الإمام احمد : حدثنا حسن بن علي الجعفي عن أبي موسى – يعني إسرائيل – عن الحسن ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "مثل اصحابى كمثل الملح فى الطعام " قال يقول الحسن : هل يطيب الطعام إلا بالملح ؟ ويقول الحسن : فكيف بقوم ذهب ملحهم ؟ 0
ووجه الاستدلال أنه شبه أصحابه فى صلاح دين الأمة بهم بالملح الذى صلاح الطعام به ، فلو جاز أن يفتوا بالخطأ ، ويظفر بالصواب من بعدهم ، لكان من بعدهم ملحاً لهم 0
يوضحه : أن الملح كما أنه صلاح الطعام فالصواب به صلاح الأنام ، فلو أخطأوا لاحتاج ذلك إلى ملح يصلحه0


رد مع اقتباس