الحمد لله
والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
قال تعالى: ﴿وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً﴾
ومما لاشك فيه أن الوفاء بالوعد والعهد من صفات المؤمنين ، وأن إخلافهما من صفات المنافقين ، كما جاء فى الحديث عند البخاري ومسلم . عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أربع مَن كنَّ فيه كان منافقاً ، ومن كانت فيه خصلة من أربعة : كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها : إذا حدَّث كذب ، وإذا وعد أخلفَ ، وإذا عاهد غدر ، وإذا خاصم فجر .
ولاشك ان المؤمن الذي يواعد الناس ويخلف وعده إما أن يكون معذوراً أو لا يكون معذورا فإن كان معذوراً فلا إثم عليه وإن لم يكن معذوراً : كان آثماً ويحاسب امام الله سبحانه وتعالى .
ويقول الشيخ محمد صالح المنجد من علماء المملكة العربية السعودية :-
ولم يأتِ نصٌّ – فيما نعلم – يجمع ما استثني من تحريم إخلاف الوفاء بالوعد والعهد ، لكن يمكن أن يكون إخلاف الوعد أو العهد في حالات يُعذر فيها المؤمن ، منها :
أولا : النسيان . وقد عفا الله تعالى عن النسيان في ترك واجب أو فعل محرَّم
الله عَزَّ وَجَلَّ: {لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}
فمن واعد شخصاً ثم نسي الوعد أو نسي وقته : فلا حرج عليه .
ثانيا : الإكراه على إخلاف الوعد .
والإكراه : أحد الموانع التي تجيز للمسلم التخلف عن الموعد ، كمن حُبس أو مُنع من الوفاء بالوعد أو هُدّد بعقوبة تؤلمه .
فعن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه " .
رواه ابن ماجه ، وللحديث شواهد كثيرة ، وقد صححه الشيخ الألباني في " صحيح الجامع ".
ثالثا: الوعد على فعل محرَّم أو ترك واجب .
فمن وعد شخصاً على أن يفعل له محرماً ، أو يترك واجباً فإنه لا يجوز الوفاء به .
رابعا: حصول طارئ مع صاحب الموعد من مرض ، أو وفاة قريب، أو تعطل، وسيلة النقل ... الخ .
وهي أعذار كثيرة ، تدخل في قوله تعالى (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) .
والله أعلم .