?#سلفي| #مصر #الأسكندرية| #آراء| #NoSCAF #SALAFY #Y
أ.د. يسري حماد يكتب: "البيان العسكري حمل تهديدا غير مبرر ولم يطرح حلا سياسيا للأزمة"
بدلا من إيجاد مخرج سياسي للأزمة التي تعيشها مصر والتي تسبب فيها لجوء المجلس العسكري للحلول الأحادية بعيدا عن الحوار مع القوى السياسية الوطنية الرئيسة في البلاد، ومحاولة إدارة الحياة السياسية بصورة لاتتناسب مع مطالب ثورة شعب قام لعزل نظام فاسد، إذا بالمجلس العسكري من خلال قراراته الأخيرة يقود الحياة السياسية بطريقة أشبه ماتكون بإدارة المعارك الحربية التي لا رأي فيها إلا لقائد واحد. الشعب المصري الذي انتظر طويلا لانتخاب رئيسه بصورة حرة، وجد نفسه مطالبا مجددا بالنزول إلى الشوارع لاستعادة الثورة التي شعر أنها تسرق منه مع طول الفترة الانتقالية ومصادرة الإنجازات التي تمت خلال الأشهر الماضية عن طريق القضاء الذي استخدمه المجلس العسكري ست مرات حتى الآن لإلباس القضايا السياسية ثوبا قضائيا. الأحكام القضائية الأخيرة وضعت مصر الثورة في أزمة كان من نتيجتها مصادرة حق التشريع لصالح المجلس العسكري، والذي استعان مجددا برجال القانون المحسوبين على النظام السابق لصياغة الإعلان الدستوري المكمل ليضيف جزءا من السلطة التنفيذية التي كانت بيد الرئيس ويعطي للمجلس العسكري سلطة مطلقة في تضمين الدستور القادم ما يشاء وبدون اعتراض من مؤسسات الدولة الأخرى أو من الجمعية المشكلة لوضع الدستور وإلا فقرار حلها أيضا تم تضمينه في الإعلان الدستوري المكمل. البيان العسكري الأخير الذي صدر ظهر الجمعة، حمل صيغة التهديد أمام قوى ثورية تسعى للتعبير السلمي عن رأيها بعد قرار المجلس العسكري بإدارة الحياة السياسية وحده في جو أشبه مايكون بالانقلاب العسكري، ولم يحمل أي حل سياسي للأزمة سوى التلويح باستخدام القوة أمام قوة الحجة والمنطق والرأي والمطالبة السلمية بإدارة حياة سياسية سليمة وتطالب بعدم انقضاض المجلس العسكري على الشرعية المنتخبة في البلاد. يبقى أن إحساس الشعب أن المجلس العسكري قد حاز كل الصلاحيات التشريعية والتنفيذية مرة ثانية، مع الشلك في سبب التأخر غير المبرر في إعلان اسم الرئيس -الذي تيقن الشعب المصري كله من هويته من خلال لغة الأرقام ومغزى التأخير نفسه-، وعدم اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب وعدم الاهتمام بعامل الوقت، ينذر بتصاعد المطالبات الشعبية الراهنة إن لم تجد حلا سياسيا سريعا ومرضيا، وتحولها إلى عصيان مدني يصر على تحقيق مطالب الشعب التي حملتها ثورة 25 يناير، لرحيل نظام أثبتت السبعة عشرة شهرا الماضية أنه لم يكن مبارك وحده، بل منظومة كاملة تسعى الآن للانقضاض على الحياة السياسية لمحاولة أعادة إنتاج النظام القديم ومنع الشعب من إنجاز إرادته وإنجاح ثورته. الحل المفترض الآن للأزمة الحالية يقوم على إدارة المجلس العسكري لحوار جاد ومخلص مع القوى الوطنية الرئيسة في البلاد هدفه الانتقال السلمي للسلطة، مع احترام المؤسسات التي قام الشعب بانتخابها، وعدم الزج بالقضاء قبل وضع أسس إدارة المرحلة السياسية، واحترام الجميع لتقاليد المؤسسات المختلفة للدولة، وتأصيل مبدأ الفصل بين السلطات. يجب كذلك إدارة حوار وطني هدفه إنجاز المصالحة الوطنية بما فيها العفو عن رموز العهد السابق الذين لم يشاركوا في إفساد الحياة السياسية ولم يتهموا بنهب ثروات البلاد أو بالاعتداء على المواطنين أثناء الثورة، ويضمن مشاركة الجميع في إدارة الحياة السياسية القادمة من خلال منظومة دستورية وقانونية يعمل الجميع على احترامها، والأهم من ذلك أن يكون هناك ضمان أن ننسى جميعا لغة تصفية الحسابات وننتقل جميعا للعمل من خلال صفحة جديدة بيضاء نقية يتجاوز الجميع قبلها عن خلافات الماضي ويشعر الجميع فيها بالأمن التام وأن العهد الجديد سيسع الجميع ويعمل الجميع بعدها على احترام الأسس القانونية للدولة المصرية وصيانة إرادة شعب صمم على التحرر.?