#1
|
||||
|
||||
نعمـــــة الوقــــت
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بسم الله الرحمن الرحيم نعمـــــة الوقــــت كان الإمام الشافعي رحمه الله تعالى يقول : ((لو تدبَّر الناسُ هذه السورة لَكَفَتْهُم )) . {والعصر. إن الإنسان لفي خسر. إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر}. العبرة ليست في إنفاق الوقت ، بل في استثماره ، فالوقت إذا أنفقناه ضاع ، أما إذا استثمرناه ، فسينمو ، ويؤتي ثماره في مستقبل حياتنا ، وللأجيال القادمة . إذن كيف ينفق المسلم الزمن إنفاقاً استثماريا ؟ لئلاّ تُحقَّق به الخسارة ، إنَّ هذا ما يسمى في المصطلح الحديث (إدارة الوقت) نستنتج أن الوقت عند المسلم أغلى من المال ، ذلك أن المسلمَ يدرك أن المالَ يمكن تعويضُه، بينما الوقت لا يمكن تعويضه. الإنسان حينما يحرق مبلغاً كبيراً من المال يُحكَم عليه بالسَّفَهِ ، ويُحْجَر على تصرفاته ، ولأنه مركَّب في أعماق الإنسان أنّ الوقت أثمنُ من المال ، بدليل أنه يبيع بيتَه الذي يسكنه ولا يملك شيًا سواه ليُجريّ بثمنه عملية جراحية ، متوهماً أنها تزيد في حياته سنوات عدة ، فالوقت عند كل إنسان أثمن من المال ، وبناءً على هذه المُسَلَّمَة فإنّ الذي يتلف وقته أشدُّ سفهاً من الذي يتلف ماله . إدارة الوقت هي فعلُ ما ينبغي ، على الوجه الذي ينبغي ، في الوقت الذي ينبغي ، الوقت من ذهب، بل أغلى من الذهب ، بل هو لا يُقدَّر بثمن ، إنه أنت ، ويعد الوقتُ أحد أربعة موارد أساسية في مجال الأعمال ؛ المواد ، والمعلومات ، والأفراد ، ثم الوقت الذي يُعدّ أكثرها أهمية ، لأنه كلما تحكّم الفرد في وقته بمهارة وإيجابية استطاع أن يستثمره في تحقيق أقصى عائد ممكن من الموارد الأخرى ؛ إذ أنّ الفرد عندما يدير وقته بشكل فعّال ، هو في الحقيقة يدير نفسه ، وعبادته ، وعمله ، ودنياه إدارة فعّالة . كي نكون واقعيّين ، إنْ لم يكن بالإمكان استثمار كل الوقت ... فعلى الأقل يمكن أنْ نستثمر أكبرَ قدر من الوقت . وعلى الرغم من هذه الأهمية الكبيرة للوقت ، فإنّ أكثر العناصر والموارد هدراً ، وإنّ أقلها استثماراً ، سواء من الجماعات ، أو من الأفراد ، هو الوقت ، ويعود هذا لأسباب عدّة ، أهمّها عدم الإدراك الكافي للخسارة الكبيرة المترتبة على سوء إدارته . الوقت مورد نادر ، لا يمكن تجميعه ، ولأنّه سريع الانقضاء ، وما مضى منه لا يرجع ، ولا يعوَّض بشيء ، كان الوقتُ أنفسَ وأثمنَ ما يملك الإنسان ، وترجع نفاسته إلى أنه وعاءٌ لكل علم ، ولكل عمل ، ولكل عبادة ، فهو في الواقع رأسُ المال الحقيقي للإنسان ، فرداً ومجتمعاً. ومن هذا المنطلق يعدُّ الوقت أساس الحياة ، وعليه تقوم الحضارة ، فصحيح أن الوقت لا يمكن شراؤه ، ولا بيعه ، ولا تأجيره ، ولا استعارته ، ولا مضاعفته ، ولا توفيره ، ولا تصنيعه ، ولكن يمكن استثماره وتوظيفُه ، أولئك الذين لديهم الوقت لإنجاز أعمالهم ، ولديهم أيضاً الوقت لمعرفة ربهم ، وعبادته ، والتقرّب إليه ، عرفوا قيمته ، هم يستثمرون كل دقيقة من وقتهم ، ولذا فإدارة الوقت لا تنطلق إلى تغييره ، أو تعديله ، أو تطويره ، بل إلى طريقة استثماره بشكل فعّال ، ومحاولة تقليل الوقت الضائع هدراً من دون فائدة 0 يؤكد بعض العلماء منذ زمن قديم أنّ الوقت يمر بسرعة محددة وثابتة ، فكل ثانية أو دقيقة ، وكلُّ ساعة تشبه الأخرى ، وأن الوقت يسير إلى الأمام بشكل متتابع ، وأنه يتحرك نظام معين محكم ، لا يمكن إيقافه ، أو تغييره ، أو زيادته ، أو إعادة تنظيمه ، وبهذا يمضي الوقت بانتظام نحو الأمام ، دون أي تأخير أو تقديم ، ولا يمكن بأي حال من الأحوال إيقافه أو تراكمه أو إلغاؤه أو تبديله أو إحلاله ، إنه مورد محدد يملكه الجميع بالتساوي ، فعلى الرغم أن الناس لم يولدوا بقدرات أو فرص متساوية ، فإنهم جميعا يملكون الأربع والعشرين ساعة نفسها كل يوم ، والاثنين والخمسين أسبوعاً كل عام ، وهكذا فإن جميع الناس متساوون في ناحية المدة الزمنية ، سواء أكانوا من كبار الموظفين أم من صغارهم ، من أغنياء القوم أم من فقرائهم ، لذلك فالمشكلة ليست في مقدار الوقت المتوفر لكلٍّ مِن هؤلاء ، ولكن في كيفية إدارة الوقت المتوفر لديهم واستخدامه ، و هل يستخدمونه بشكل جيد ومفيد في إنجاز الأعمال المطلوبة منهم ، أو يهدرونه ، و يضيعونه في أمور قليلة الفائدة . . إدارةُ الوقت هي تحديدُ هدف ، ثم تحقيقُه ، قال تعالى : { أفمن يمشي مكباً على وجهه أهدى أمن يمشي سوياً على سراط مستقيم....} (سورة الملك) ولا شك أن من يمشي إلى هدف وغاية واضحة أهدى ممن يخبط خبط عشواء ، هذه حقيقة . أيها الإخوة الكرام ، الوقت نعمة عظيمة ، تؤكد السنة المطهرة ما جاء في القرآن الكريم من أن الوقت من نعم الله على عباده ، وأنهم مأمورون بحفظه ، مسؤولون عنه ، فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ ؛ الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ )) . الوقت وعاء العبادة ، فالصلاة والزكاة والصيام والحج ونحوها عبادات محددة بأوقات معينة ، لا يصح تأخيرها عنها ، و بعضها لا يُقبل إذا أدي في غير وقته ، فهي مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالوقت ، الذي هو عبارة عن الظرف أو الوعاء الذي تؤدى فيه . ومما ورد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحثِّ على أداء العبادات في وقتها قوله حين سئل : (( أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ قَالَ الصَّلَاةُ لِوَقْتِهَا وَبِرُّ الْوَالِدَيْنِ ثُمَّ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ )) . الوقت في حياة النبي عليه الصلاة والسلام ، كان عليه الصلاة والسلام من أشد الناس حرصاً على وقته ، وكان لا يمضي له وقت مِن غير عمل لله تعالى ، أو فيما لا بد له لصلاح نفسه ، يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه يصف حال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( كان إذا أَوَى إلى مَنْزله جَزَّأ دُخولَه ثلاثة أجزاء : جُزءا للّه ، وجُزءا لأهلْه ، وجُزءا لنَفْسه ، ثم جَزَّأ جُزْءَه بَيْنَهُ وبين الناس ، فَيردُّ ذلك على العامَّة بالخاصَّة )). (رواه الطبراني في المعجم الكبير) آفة أخرى ، تصيب الناسَ ، التسويف ، غدًا ، وبعد غدٍ ، وسوف أتوب ، بعد انتهاء العام الدراسي ، و بعد تأسيسي المحل ، وبعد الزواج ، آفة أخرى هي التسويف ، قال الحسن البصري رحمه الله : (( إياك والتسويف ، فإنك بيومك ، ولست بغدك ، فإن يكن غدٌ لك ، فكن في غد كما كنت في اليوم، وإن لم يكن لك غد ، فلن تندم على ما فرطت في اليوم )) موقع طريق الدعوة |
#2
|
||||
|
||||
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك
|
#3
|
||||
|
||||
وانتم من اهل الجزاء |
|
|